عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 19-11-2023
عاشق الغاليه غير متواجد حالياً
    Male
Awards Showcase
 
 عضويتي » 860
 جيت فيذا » May 2021
 آخر حضور » منذ 3 أسابيع (02:47 AM)
آبدآعاتي » 20,368
 حاليآ في » 7up
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » عاشق الغاليه has a reputation beyond reputeعاشق الغاليه has a reputation beyond reputeعاشق الغاليه has a reputation beyond reputeعاشق الغاليه has a reputation beyond reputeعاشق الغاليه has a reputation beyond reputeعاشق الغاليه has a reputation beyond reputeعاشق الغاليه has a reputation beyond reputeعاشق الغاليه has a reputation beyond reputeعاشق الغاليه has a reputation beyond reputeعاشق الغاليه has a reputation beyond reputeعاشق الغاليه has a reputation beyond repute
ام ام اس ~
MMS ~
 آوسِمتي »
 
افتراضي تذكير المبتلى والأواه بإحسان الظن بالله




تذكير المبتلى والأواه بإحسان الظن بالله

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

يا من ابتليت بالذنوب والخطايا والسيئات؛ أحسنْ ظنَّك بالله، وقوِّ رجاءك في الله، فمن حُسْن الظن بالله؛ الخوفُ من الذنوب، والرجاء في الله، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: (دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ)، فَقَالَ: ("كَيْفَ تَجِدُكَ؟") قَالَ: (وَاللهِ؛ يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي أَرْجُو اللهَ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم: ("لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ مَا يَرْجُو، وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ"). (ت) (983)، (جة) (4261)، (ن) (10901)، (هب) (3417)، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ (3383)، المشكاة: (1612).

أخي في الله! أحسن ظنك بالله، وظُنَّ بالله الخير، عَنْ حَيَّانَ أَبِي النَّضْرِ قَالَ: (دَخَلْتُ مَعَ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه عَلَى يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْجُرَشِيِّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ)، -فمن هو يزيد؟ واثلة صحابي رضي الله عنه، ويَزِيدُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْجُرَشِيُّ: مِنْ سَادَةِ التَّابِعِينَ بِالشَّامِ، -ليس بصحابي بل تابعي- يَسْكُنُ بِالْغُوطَةِ بِقَرْيَةِ زِبْدِينَ، أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَهُ دَارٌ بِدَاخِلِ بَاب شَرْقِيٍّ، قَالَ يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ: قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا الْأَسْوَدِ! كَمْ أَتَى عَلَيْكَ؟! -يسأله عن عمره- قَالَ: أَدْرَكْتُ الْعُزَّى تُعْبَدُ فِي قَرْيَةِ قَوْمِي). سير أعلام النبلاء ط الرسالة (4/ 136).

• أدرك الجاهلية وأدرك الإسلام، ولم يَرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فهو مخضرم.
قال:- (فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَاثِلَةُ) -بن الأسقع رضي الله عنه- (وَجَلَسَ، فَأَخَذَ أَبُو الْأَسْوَدِ) -المريض أخذ- (يَمِينَ وَاثِلَةَ) -الصحابي-، (فَمَسَحَ بِهَا عَلَى عَيْنَيْهِ وَوَجْهِهِ- لِبَيْعَتِهِ بِهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم)، فَقَالَ لَهُ وَاثِلَةُ: (وَاحِدَةٌ أَسْأَلُكَ عَنْهَا)، قَالَ: (وَمَا هِيَ؟!) قَالَ: (كَيْفَ ظَنُّكَ بِرَبِّكَ؟!) فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: (حَسَنٌ!) فَقَالَ وَاثِلَةُ: (أَبْشِرْ! إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم) يَقُولُ: ("قَالَ اللهُ عزَّ وجل: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ"). (حم) (16016)، (حب) (634)، وانظر صَحِيح الْجَامِع: (4316).

وفي رواية: ("أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي؛ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ"). (طس) (7951)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (1905)، الصَّحِيحَة: (1663).

فإياك -أخي في دين الله- أن تسيء الظن بالله، مهما بلغت ذنوبك وخطاياك، لا تيأس ولا تقنط، فرحمة الله أكبر وأوسع، قال سبحانه: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله تعالى عنه-، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: («لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ؛ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ، وَهُوَ يَكْتُبُ عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ وَضْعٌ عِنْدَهُ عَلَى العَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي»). (خ) (7404)، (م) 16- (2751).
﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 1].

فلا تمُت أيها المبتلَى! إلاّ وأنت تحسنُ الظنَّ بربِّ العالمين، امتثالاً لأمر النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله -تعالى- عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَقُولُ: ("لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ عزَّ وجل"). (م) 82- (2877)، (د) (3113).

قال النووي رحمه الله: [قَالَ الْعُلَمَاء: هَذَا تَحْذِيرٌ مِنْ -اليأس و- الْقُنُوط، وَحَثٌّ عَلَى -حُسْنِ- الرَّجَاءِ عِنْدَ الْخَاتِمَة، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ قَوْلُهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى -في الحديث القدسي-: ("أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي")، قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَى (حُسْن الظَّنّ بِاللهِ تَعَالَى)؛ أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يَرْحَمُهُ وَيَعْفُو عَنْهُ، -ويغفر له ذنوبه-، قَالُوا: وَفِي حَالَةِ الصِّحَّة يَكُونُ خَائِفًا رَاجِيًا، وَيَكُونُ الْخَوْفُ أَرْجَحُ، فَإِذَا دَنَتْ أَمَارَاتُ الْمَوْتِ، غَلَّبَ الرَّجَاءَ، أَوْ مَحَّضَهُ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْخَوْفِ الِانْكِفَافُ عَنْ الْمَعَاصِي وَالْقَبَائِح، وَالْحِرْصُ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْ الطَّاعَاتِ وَالْأَعْمَال، وَقَدْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ أَوْ مُعْظَمُه فِي هَذَا الْحَال؛ -حال النزع والموت-، فَاسْتُحِبَّ إِحْسَانُ الظَّنِّ الْمُتَضَمِّنِ لِلِافْتِقَارِ إِلَى الله -سبحانه و- تَعَالَى، وَالْإِذْعَانِ لَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيث: "يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ". (م) 83- (2878).

قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ: يُبْعَثُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا، وَمِثْله الْحَدِيث: ("ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى نِيَّاتِهِمْ")]. (جة) (4065)، شرح النووي (17/ 210).

ألا نحسن الظن بالله سبحانه وتعالى؟ وغفَّار الذنوب مهما بلغت؟ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ("قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً"). (ت) (3540).

ألا نحسن الظن بالله سبحانه وتعالى! وهو الرحمن الرحيم الذي أمسك تسعا وتسعين رحمة ليرحم بها عباده في الآخرة! عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْئَسْ مِنَ الجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ العَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ». (خ) (6469).

أخي في دين الله! أحسِن الظَّنَّ بِاللهِ فِي دُّعَائك؛ بأن الله سيستجيب لك؛ عاجلا أو آجلا، ولكن لا تستعجل الإجابة، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("ادْعُوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ لِعَبْدٍ دَعَاهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ"). (ت) (3479)، (حم) (6655)، (ك) (1817)، (طس) (5109)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (245)، الصَّحِيحَة: (594).

ومِن حسن الظن بالله الإيمانُ به، وقوَّةُ التوكل عليه في الأمور كلِّها، مع الأخذ بالأسباب، فعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ("لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا"). (ت) (2344)، (جة) (4164)، قال -الله- تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2- 3]، أي: فهو يكفيه ويغنيه عن غيره.

عن محمد بن شقيق بن إبراهيم البلخي، قال: قال أبي: (رأيت إبراهيمَ بن أدهم؛ وأُهدِيَ إليه يوماً سلَّةٌ من تين، وهو عند غروب الشمس، فقسَم على جيرانه وعلى الفقراء)؛ فقال له بعض أصحابه: (ألا تدعُ لنا شيئاً؟!) قال: (ألستم صوَّاماً؟!) قالوا: (بلى!) قال: (سبحان الله! أما لكم حياء! أما لكم أمانة! أما تخافون من الله العقوبة بسوء ظنِّكم بالله تعالى، وطول الأمل إلى المساء؟! ثقوا بالله وأحسنوا الظنَّ بموعد الله، فإن الله تعالى يقول: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 96]. (الترغيب والترهيب) لقوام السنة (1/ 147)، رقم: (168).

أحسنَ ظنَّه بالله من يُقبِل على الله بالتوبة، والإنابة إلى الله تعالى، والتسليمِ إليه في الأمور كلها، ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [الزمر: 54].

أخي في دين الله! إذا كنا منقادين ومذعنين لأحكام الله تعالى، فالبشرى البشرى! بإحسان الظن بالله، وقُرْبِ النصر من الله، فـ[إذا كان حسنُ الظنِّ بالله حاضرا؛ كانَ الأملُ في نفوس أهل الحقِّ ودعاته دائما قائما، كيف لا يكون كذلك؟! وربهم قد قال وقوله الحق: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [الصف: 9].

ووَعَدَ؛ وهو لا يخلف الميعاد: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ﴾ [النور: 55].

فمهما طال عصرُ الظلمات؛ فإن النصرَ -لا محالة- آتٍ ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 214].

فالنصر يحتاج إلى حسن الظن، وحسن الظن يحتاج إلى إحسان العمل، [فَعَنِ الْحَسَنِ البصري -رحمه الله قال-: لَيْسَ الْإِيمَانُ بِالتَّمَنِّي، وَلَكِنْ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ، وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ. إِنَّ قَوْمًا أَلْهَتْهُمْ أمانيُّ المغفرة حَتَّى خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا وَلَا حَسَنَةَ لَهُمْ، وَقَالُوا: نُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ، وَكَذَبُوا؛ لَوْ أَحْسَنُوا الظَّنَّ بِهِ لَأَحْسَنُوا الْعَمَلَ]. ذكره البحر المحيط في التفسير (4/ 74).

والعمل هو الإيمانُ بالله، وعبادتُه والإخلاصُ له، وعدمُ الشرك به، وعملُ الصالحات، والصبرُ على البأساء والضراء، فالنصرُ من أصحاب هذه الصفات قريب قريب.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الآخرة
الحمد لله؛ والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
أيها المبتلى بالمصائب، أحسن ظنك بالله، فهو يفرجها.
ويا أيها المبتلى بالديون! أحسن ظنك بالله الغني فهو يقضيها.
ويا أيها المبتلى بالأمراض والأوجاع والوساوس والسحر والصرع، أحسن ظنك بالله الشافي يعافيك ويذهبها.
ويا أيها المبتلى بالسيئات والذنوب أحسن ظنك بالله الغفور الغفار فهو يغفرها ويمحوها.

قال سُهَيْلٌ، أَخُو حَزْمٍ الْقُطَعِيِّ: (رَأَيْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَنَامِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا يَحْيَى! لَيْتَ شِعْرِي؛ مَاذَا قَدِمْتَ بِهِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟) قَالَ: (قَدِمْتُ بِذُنُوبٍ كَثِيرَةٍ، مَحَاهَا عَنِّي حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ). (حسن الظن بالله) لابن أبي الدنيا (ص: 23)، رقم: (7).

وقَالَ عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ لِي فِي رَبِّي جَلَّ وَعَزَّ أَمَلَيْنِ؛ أَمَلًا أَنْ لَا يُعَذِّبَنِي بِالنَّارِ، فَإِنْ عَذَّبَنِي لَمْ يُخَلِّدْنِي فِيهَا مَعَ مَنْ أَشْرَكَ بِهِ). (حسن الظن بالله) لابن أبي الدنيا (ص: 27)، رقم: (16).

وعَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: (كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُلَقِّنُوا الْعَبْدَ مَحَاسِنَ عَمَلِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ؛ لِكَيْ يُحْسِنَ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ). (حسن الظن بالله) لابن أبي الدنيا (ص: 40)، رقم: (30).

لو عُرِضْتَ يوم القيامة فخُيِّرْتَ -يا عبد الله! مع كثرة ذنوبك واعترفك بها، وتقف بين يدي الله وخيرك الله-، فهل تختار أن يحاسبَك والداك أمُّك وأباك، أو يحاسبُك الله يا عبد الله؟ فتختار من؟



حُسْن الظنِّ بالأمِّ والأب؛ أن يذهبا بك إلى الجنة، فمن تختار يا عبد الله، اسمع إلى قول سفيان الثوري رحمه الله: (مَا أُحِبُّ أَنَّ حِسَابِيَ جُعِلَ إِلَى وَالِدَيَّ؛ رَبِّي خَيْرٌ لِي مِنْ وَالِدَيَّ). (حسن الظن بالله) لابن أبي الدنيا (ص: 45)، رقم: (37).
فالذي خلقك أرحم بك ممن ولَدَك، فالله هو الذي خلقك يا عبد الله وهو ارحم بك ممن ولدك.

وعن عُمَرَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: (خَرَجَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ نَاحِلُ الْجِسْمِ، فَخَطَبَ كَمَا كَانَ يَخْطُب)ُ، ثُمَّ قَالَ: (أَيُّهَا النَّاسُ! مَنْ أَحْسَنَ مِنْكُمْ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ أَسَاءَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ، ثُمَّ إِنْ عَادَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ، ثُمَّ إِنْ عَادَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِأَقْوَامٍ أَنْ يَعْمَلُوا أَعْمَالًا وَضَعَهَا اللَّهُ فِي رِقَابِهِمْ، وَكَتَبَهَا عَلَيْهِمْ). (حسن الظن بالله) لابن أبي الدنيا (ص: 77)، رقم: (68).

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ أَرْبَعَةٌ، فَيُعْرَضُونَ عَلَى اللهِ عز وجل"). (م) (192)، ("فَيَأمُرُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ"). (حم) (14041)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح، -هم خرجوا من النار، ويؤمر بهم ليرجعوا إليها-، ("فَيَلْتَفِتُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ!"). (م) (192)، (حم) (14041)، ("قَدْ كُنْتُ أَرْجُو إِنْ أَخْرَجْتَنِي مِنْهَا أَنْ لَا تُعِيدَنِي فِيهَا")، -وهذا هو حسن الظن بالله؛ أن الذي يخرج من النار لن يعود إليها، -فيقول هذا الرجل: قد كنت أرجو ألا تعيدني فيها- ("فَيَقُولُ") -سبحانه-: ("فَلَا نُعِيدُكَ فِيهَا"). (حم) (14041)، (م) (192).

وفي رواية: ("فَيُنْجِيهِ اللهُ مِنْهَا"). (م) (192)، (حم) (14041).
وهذا نتيجة بحسن ظنه بربِّه.
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ -بن أبي طالب- رضي الله عنه: (أَيُّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ أَوْسَعُ؟!) -أي: أوسع رحمة على المسلمين والمؤمنين- (فَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ آيًا مِنَ الْقُرْآنِ: ﴿ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110]، أَوْ نَحْوَهَا)، فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: (مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَوْسَعُ مِنْ ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]. (حسن الظن بالله) لابن أبي الدنيا (ص: 77)، رقم: (69).

فاللهم صل وسلم على الرحمة المهداة، محمد بن عبد الله، صلى عليه الله، وأمرَ جلَّ في علاه، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: ].

"اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".

وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعليٍّ، وسائر الصحابة، وارض عنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.

اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا غائبا إلا رددته إلى أهله سالما غانما برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم وحد صفوفنا، اللهم ألف بين قلوبنا، وأزل الغل والحقد والحسد والبغضاء من صدورنا، وانصرنا على عدوك وعدونا، برحمتك يا أرحم الراحمين.
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].



منقول للفائده




j`;dv hglfjgn ,hgH,hi fYpshk hg/k fhggi





رد مع اقتباس