إن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه القائل :
( رحم الله من أهداني عيوبي ) .
هو نفسه من غضب
حتى همَّ أن يوقع بعيينة عم الحر بن قيس .
حين ألصق به ( عيينة ) ما ليس فيه
إذ دخل عليه فقال :
"إيهٍ يا ابن الخطاب،
فو الله ما تعطينا الجزل،
ولا تحكم بيننا بالعدل".
لولا أن الحر ابن قيس ذكره قائلا :
يا أمير المؤمنين،
إن الله تعالى قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم-:
(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)
[الأعراف: 199]".
فلا تخلطوا المسائل ببعضها ،
ولا تستدلوا بحكم وأقوال مأثورة
في مواقف لا تحاكيها ولا تشبهها .
ولا تغالطوا أنفسكم ،
أو تنصبوا من ضمائركم رقباء على الخلق ،
فتصدروا الحكم من باب الجزم ،
ثم تتبرموا من عدم قبول الآخر لحكمكم الجائر ،
وكأن استنتاجاتكم الخاصة وحي منزل
لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه ..
ثم وإن كان الحق معكم
فتحروا لفظا هينا لينا ،
وراعوا الزمان
وراعوا نفسا بشرية
تتقلب بين صبر وابتلاء
وسراء وضراء ..
ثم وأخيرا ..
لا ترموا سهامكم دفعة واحدة ..
فرب كلمة قتلت وأهلكت..
فمابالكم لو كانت كلمات ،
إذن أدمت ونحرت ،
وأزهقت ومثلت بالجسد
بعدما قتلت ..!