عرف لنا نبينا الكريم صلى الله عليه و سلم معنى الإيمان من خلال الحديث المشهور مع جبريل عليه السلام عندما سأله عن الإيمان فقال له :
( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) .
و في حديث أخر قال صلى الله عليه وسلم :
( لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله ، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه ) .
و القران الكريم و سنة نبينا محمد عليه السلام خير مرشد و مدل على الإيمان بالقضاء و القدر فالإيمان بالقضاء و القدر فيه حكمة عظيمة من الله عز وجل لا نعلم منها إلا بعضها و نجهل جلها .
فما تصيبنا من مصيبة إلا بأذن الله وان نكبات الأيام و السنين إنما هي من تقدير الله .
فإذا أصيب المؤمن فعليه إن يتبت إيمانه بالرجوع إلي الله و يتق بان القضاء و القدر من تدابير الله على خلقه و حكمته في تسيير الكون و إن يدارك و يعلم إن : ــــ
1 - الله شمل علمه كل شي ( بسرائر الغائب و شواهد الظاهر والمستتر و إن الله لا تخفى عليه خافية في الأرض و لا في السماء ولا في الظلمات و لا في النور و يقدر و يقضي في خلقه كما يشاء ) .
2 - أنه لا يحدث شيء في هذا الكون من خير أو شر إلا بإرادته ومشيئته ، ولا يقع أي أمر إلا بإذنه سبحانه .
3 - أن ما قدر في هذا الكون لحكمة نعلمها وقد لا نعلمها والله سبحانه و تعالى يقدر الأقدار ويخلق الخلق لحكمة فهو سبحانه منزه عن العبث و اللهو واللعب فكما قال جل جلاله ( و ما خلقنا السماء والأرض وما بينها لاعبين ) سورة الانبياء الاية (16).
4 - أن الله سبحانه لا يقدر شراً محضاً ليس فيه خير لخلقه بل كل ما قدره فيه الخير وإن ظهر لنا أنه شر فإن من وراءه الخير كله لدنيانا أو لا خرنا .
5 - أن الله سبحانه يفعل في خلقه وملكه ما يشاء وهو لا يُسئل سبحانه عما يفعل وهم يسألون .
6 - الاعتقاد الجازم الذي لا يخالطه شك ولا يمازجه ريب بأنه سبحانه الحكم العدل الذي حرم الظلم على نفسه وجعله محرم بين خلقه .
7 - أن الله سبحانه رحيم بالمؤمنين بل هو أرحم بهم من أمهاتهم وآباءهم ومن رحمته ما يقدر في الكون وهو قد كتب على نفسه الرحمة وأن رحمته سبقت غضبه سبحانه .
8 - أن كل شي مخلوق فالعباد وأعمالهم كلها مخلوقة لله جل وعلى فقال سبحانه : ( وخلق كل شيء فقدره تقديراً ) الاية.
9 - أن الأقدار والأيام دول وأن دوام الحال من المحال ، فالله قد قضى وقدر في الكون أن أقداره ماضيه على المؤمن والكافر والبر والفاجر وأن التدافع بين الخير والشر سنة ماضية وحكمة قاضية فقال سبحانه ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) الاية.
10 - الصبر على أقدار الله مما أمرنا الله به وأوجبه علينا وهو سر الهداية والفلاح فقد قال جل وعلى : (يا أيها الذين آمنوا اصبروا و صابروا ورابطوا واتقوا لعلكم تفلحون )الاية .
وللقضاء والقدر اربع مراتب وهي : ـــــــــــــــ
الأولى : العلم بجميع خلقه ...
وهو الإيمان بعلم الله في خلقه ، فهو عالم بكل شيء. و ان علمه بجميع خلقه قبل إن يخلقهم و يعلم ما تكون عليه أحوالهم كلها من سرها و علانيتها .
الثانية : كتابة مقادير الخلق ...
الإيمان بأنّ الله تعالى كتب مقادير خلقه فى اللوح المحفوظ و لم يفرِّط في الكتاب من شيء .
الثالثة : المشيئة الشاملة على خلقه ...
مشيئة الله نافذة و قدرته شاملة على كل شئ فما شاء الله تعالى يكون فهو كائن وما لم يشأ يزيله فهو زائل بكلمة .
الرابعة : الإيجاد و خلق الخلائق ...
الإيمان بأنّ الله تعالى اوجد الموجودات وخالق المخلوقات فهو خالق كل شيء ولا خالق غيره ولا ربّ سواه .
أنواع أقدار الله و قضائه بالعباد..
قسم العلماء الأقدار التي تحيط بالعبد إلى ثلاثة أنواع وهي : ـ
1 - نوع لا قدرة للعباد على دفعه أو رده ...
ويدخل ذلك في نواميس الكون وقوانين الوجود، وما يجري على العبد من مصائب وما يتعلق بالرزق والأجل والصورة التي عليها .
2 - نوع لا قدرة للعبد على إلغائه ولكن يمكن تخفيف حدته .
ويدخل في ذلك الغرائز والصحبة، والبيئة فالصحبة لا بد منها فالإنسان مدني بطبعه .
3 - نوع للعبد القدرة على دفعه ورده ...
فهي أقدار متصلة بالأعمال الاختيارية والتكاليف الشرعية و يتعلق بها ثواب وعقاب و يدخل في قدرة المؤمن بان يفعل اؤ لا يفعل .
وللمؤمن بقضاء الله وقدره صفات يتصف بها وهي : ــــــ
ـ الإيمان بالله وأسمائه وصفاته و إن الله سبحانه منزه و لا شيء مثله .
ـ الإيمان بأن الله تعالى موصوف بالكمال في أسمائه وصفاته .
ـ يبدل المؤمن الجهد و يشد الهمم و يحرص على ما ينفع و يبعد التكاسل والتواني في العمل فحرص المؤمن على ما ينفعه و ينفع خلق الله هو عبادة لله سبحانه .
ـ الاستعانة بالله على ما ينفع فانه لا يتم إلا بمعونته وتوفيقه وتسديده سبحانه .
ـ التغلب على العجز و الكسل لأن العجز ينافي الحرص والاستعانة .
ـ التعلق بالله فإن غلبه أمر فعليه أن يعلق نظره بالله و يسند الأمر إليه و يطمئن إلى مشيئة النافذة وقدرته الغالبة .
الإيمان بالقضاء والقدر له ثمرات و من أهمها : ـــــــ
ـ الشعور بالقوة المستمدة من الله عز وجل .
ـ العزة: فالمؤمن عزيز بإيمانه بالله وقدره فلا يذل لأحد إلا لله سبحانه .
ـ الرضا والاطمئنان لعدل الله وحكمته ورحمته .
ـ التماسك وعدم الانهيار عند المصيبة أو الحدث الجلل .
ـ اليقين بتصديق قول الله ان العاقبة للمتقين .
اللهم نسألك الطف بنا عند المصيبة و نسألك التبات و اليقين ....
اللهم ان كان هذا صواب فمن عندك و ان كان خطاء فمن نفسي و الشيطان .