بكاء عائشة رضي الله عنها من خشية الله قالت: دخل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال لي: ((ما يُبكيك؟)) . قالت: يا رسول الله، ذكرتُ الدجال
بكاء عائشة رضي الله عنها من خشية الله
قالت: دخل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال لي: ((ما يُبكيك؟)) .
قالت: يا رسول الله، ذكرتُ الدجال فبكيت... الحديث .
ومن خشيتها وشدة خوفها أنها كانت تقول: ليتني كنتُ شجرة، وفي رواية أخرى عن عمرو بن سلمة قال: قالت عائشةُ :
والله لوددتُ أني كنت شجرة، والله لوددت أني كنت مَدَرة، والله لوددتُ أن الله لم يكن خلقني شيئًا .
وقالت : وددت أني مت وكنتُ نسيًا منسيًّا .
وكذا كانت إذا قرأت الآية :
﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الأحزاب: 33] .
بكَت بكاءً شديدًا حتى تبل خمارها .
حدَّثَت رضي الله عنها أن عبد الله بن الزبير قال في بيع أو عطاءٍ أعطَته عائشةُ: والله لتَنتهِيَن عائشة أو لأحجرنَّ عليها! فقالت: أهو قال هذا؟! قالوا: نعم، قالت: هو لله عليَّ نذرٌ أن لا أكلِّم ابن الزبير أبدًا، فاستشفع ابنُ الزبير إليها حين طالَت الهجرة، فقالت: لا والله، لا أشفع فيه أبدًا، ولا أتحنَّث إلى نذري! فلما طال ذلك على ابن الزبير كلَّم المِسوَر بنَ مَخرَمة وعبدَ الرحمن بنَ الأسودِ بنِ عبد يَغوث - وهما من بني زُهرة - وقال لهما: أنشدكما بالله لما أدخلتُماني على عائشة؛ فإنها لا يحلُّ لها أن تَنذر قطيعتي.
فأقبل به المسورُ وعبدالرحمن مشتمِلَين بأردِيَتِهما حتى استأذَنا على عائشة، فقالا: السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته، أندخل؟ قالت عائشة: ادخلوا، قالوا: كلُّنا؟ قالت :
نعم، ادخلوا كلكم - ولا تعلم أنَّ معهما ابنَ الزبير - فلما دخلوا دخَل ابنُ الزبير الحجابَ فاعتنقَ عائشةَ، وطفِقَ يناشدُها ويَبكي، وطفق المسور وعبد الرحمن يُناشِدانها إلا ما كلَّمَته وقَبِلَت منه، ويقولان : إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عمَّا قد علمت من الهجرة؛ فإنه
(( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال )) .
فلما أكثَروا على عائشة من التذكرة والتَّحريج طفِقَت تذكرهما وتبكي، وتقول :
إني نذَرتُ، والنذر شديد! فلم يزالا بها حتى كلَّمَت ابنَ الزبير وأعتقَت في نذرها ذلك أربعين رقبةً، وكانت تَذكر نذرَها بعد ذلك فتَبكي حتى تبلَّ دموعُها خمارها .
ويقول أبو الضحى مسلمٌ :
حدَّثني من سمع عائشة تقرأ في الصلاة :
﴿ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ﴾ [الطور: 27]، فتقول : مُنَّ عليَّ، وقِني عذاب السَّموم .
هكذا كانت حياةُ عائشة رضي الله عنها مليئةً بالأعمال الفاضلة، والخصال النبيلة، مع الفضائل الجمَّة الواردةِ في شأنها، ومع ذلك عَظُم خوفها وخشيتُها من الله .
بساااااااااااااااااااااااااااااااام