عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان وكفالة الرحم الفقير
عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، أم البنين الأموية وأمها أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر بن كريز، وهي زوج عبد الملك ابن مروان، وأم يزيد بن عبد الملك،
وكانت من المحدِّثات؛ قال أبو زرعة: "فيمن حدث بالشام من النساء عاتكة بنت يزيد بن معاوية روى عنها مهاجر الأنصاري"، وعدَّها العلماء من الطبقة الثالثة.
وكان عبد الملك يحبها حبًّا شديدًا ويقربها ويستشيرها؛ وكانت ذات رأي وحكمة، وكانت مشفَّعةً عنده ولو في أشد خصومه، ولم يكن يطيق فراقها أو يحتمل حزنها
كانت عاتكة رحمها الله عاقلة تشبَّه في إدارتها وحزمها بجدها معاوية، وكانت من كرام النساء وأجودهنَّ، شديدة البر والصلة لأهلها آل أبي سفيان، حتى إنَّها آثرتهم على أبنيها، وخصَّصت كلَّ أموالها من ميراث آبائها معاوية ويزيد إلى فقرائهم
«لما بلغ يزيد ومروان ابنا عبد الملك من عاتكة بنت يزيد بن معاوية قال لها عبد الملك: قد صار ابناك رجلين، فلو جعلت لهما من مالك ما يكون لهما فضيلة على إخوتهما، قالت: اجمع لي أهل معدلة من مواليّ ومواليك، فجمعهم وبعث معهم روح بن زنباع الجذامي، وكان يدخل على نسائهم، مدخل كهولتهم وجلّتهم، وقال له: أخبرها برضاي عنها، وحسِّن لها ما صنعت، فلما دخلوا عليها اجتهد روح في ذلك، فقالت: يا روح، أتراني أخشى على ابنيَّ العيلة وهما ابنا أمير المؤمنين؟ أشهدكم أني قد تصدقت بمالي وضياعي على فقراء آل أبي سفيان! فقام روح ومن معه، فلما نظر إليه عبد الملك مقبلًا قال: أشهد بالله لقد أقبلتَ بغير الوجه الذي أدبرتَ به، قال أجل، تركتُ معاويةَ في الإيوان آنفا (وفي رواية قال: وجهتني إلى معاوية جالس في أثوابه، أي يشبِّهها بجدِّها معاوية في حزمه وعقله)، وخبَّره بما كان، فغضب، فقال روح: مه يا أمير المؤمنين، هذا العقل منها في ابنيك خير لهما ممّا أردت، قال فكَفَّ عنها»[1].