تأملْ قَولَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ﴾، لتدرك ما ينبغي أن يكون عليه أهل الإيمان من الأدب مع الله تعالى.
الله تبارك وتعالى خالق كل شيء، خالق الخير والشر؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الزمر: 62]، ومع ذلك من الأدب عدم نسبة الشر إليه تعالى تأدبًا.
وأعظم الناس أدبًا مع الله تعالى الأنبياء والرسل عليهم السلام، فهذا الخليل إبراهيم علبه السلام يقول عن الله تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ [الشعراء: 78 - 80].
وهذا نبي الله أيوب عليه السلام يقول في دعائه مخاطبًا ربَّه تعالى: ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَا ﴾ [ص: 41]، وَنَادَى رَبَّهُ: ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 83].
وتأمل حال أولئك المصطفين الأخيار، وحال إبليس عليه لعنة الله وهو يخاطب ربَّه بقوله: ﴿ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الأعراف: 16]، أين الثَّرى من الثُّريَّا؟
فمن كمال الأدب مع الله تعالى ألا يُنسَب إليه إلا كلُّ جميل، مع اعتقادنا أنه خالق الخير والشر، وأنه يضل من يشاء ويهدي من يشاء، ولا ينتفع بتلك الآداب إلا من قدر الله حق قدره، وعظمه كما ينبغي أن يعظم