لعلكم عرفتم من هو أبو يحيى ،
إنه ( صهيب بن سنان )
العربي الأصل
الرومي النشأة
الصحابي المسلم ،
أبوه حاكم ( الأُبُلّة ) ولي عليها لكسرى،
تعرضت البلاد ذات يوم لهجوم الروم ، وأسر المغيرون أعدادا كثيرة وسبوا ذلك الغلام :
( صهيب بن سنان ) ،
ويقتنصه تجار الرقيق وينتهي به التطواف إلى مكة ،
حيث بيع لعبد الله بن جدعان بعد أن قضى طفولته وصدر شبابه في بلاد الروم وأخذ لسانهم ولهجتهم ،
ويُعجب سيده بذكائه فيعتقه ويهيء له فرص الإتجار معه ، فحسن حاله وكثر ماله ،
عرف صهيب طريقه إلى دار الأرقم مع صديقه عمار بن ياسر والدعوة في أول أمرها ،
دخلا مستخفيين فسمعا من الرسول صلى الله عليه وسلم
وخرجا مستخفيين وقد أسلما ،
وتخطي عتبة دار الأرقم يعني مولدا جديدا وعهدا جديدا من التضحية والفداء والتحمل والآضطهاد والعذاب والبذل ،
ومنذ أن أسلم صهيب أخذ مكانه في قافلة المؤمنين ،
وسار تحت راية الإسلام ، فلم يدع مشهدا أو غزاة إلا وكان ملازما رسول الله لم يتخلف عنه قط ،
وكانت هجرته درة نضاله ،
فقد تخلى في ذلك اليوم عن كل ثروته للمشركين .
أدركه المشركون في الطريق ،
ولم يكد يراهم حتى نثر كنانته وواجههم وصاح فيهم قائلا :
لقد علمتم معشر قريش أني أرماكم سهما ،
فوالله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم في كنانتي ،
ثم أضربكم بسيفي حتى لا يبقى منه شيء في يدي ،
فلما رأوا الجد قالوا :
جئتنا فقيرا صعلوكا فكثر مالك عندنا ،
والآن تنطلق بنفسك ومالك ؟
وكأنهم فتحوا بذلك مخرجا لحفظ ماء الوجه ،
فقال لهم : ألئن دللتكم على مالي أتتركونني وشأني ؟
قالوا نعم ،
فدلهم على مكان ماله فقفلوا إلى مكة راجعين ،
والعجيب أنهم صدقوه فلم يسألوه بينة ، وهذا يدل على مكانته كرجل صادق أمين ،
فضلا عن أنه لم يكن لديهم خيار إلا أن يصدقوه ،
فأول متقدم نحوه هو أول مقتول !!
ويستأنف صهيب هجرته وحيدا سعيدا ،
ولم يكد الرسول علبه الصلاة والسلام يراه حتى ناداه متهللا :
ربح البيع أبا يحيى
ربح اابيع أبا يحيى
ونزلت الآية الكربمة تثني على بيع صهيب :
(( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله ، والله رؤوف بالعباد ))
كان صهيب إلى جانب ورعه وتقواه خفيف الروح حاضر النكتة ،
رآه الرسول يوما يأكل رطبا وفي عينيه رمد ،
فقال له الرسول ضاحكا : أتأكل رطبا وفي عينيك رمد ؟
فأجاب : وأي بأس ، إني آكله بعيني الأخرى !!
وكان جوادا معطاء حتى لقد لفت سخاؤه انتباه عمر فقال له :
أراك تطعم كثيرا حتى إنك لتسرف ؟
فأجابه صهيب :
سمعت رسول الله يقول :
( خيركم من أطعم الطعام )
ولئن كانت حياة صهيب مترعة بالمزايا ،
فإن اختيار الخليفة عمر بن الخطاب إياه ليؤم المسلمين في الصلاة يوم طُعن الخليفة تملأ حياته ألقا وعظمة
وكان هذا الإختيار من تمام نعمة الله على عبده الصالح (( صهيب بن سنان ))