إن هذا الدين الذي أكماله الله ، و أتم به نعمته على المؤمنين به و رضيه لهم ديناً هو منهج للحياة كامل
في حقيقته ، متكامل متناسق في تكوينه ..
يتكامل و يتناسق فيه تصوره الاعتقادي مع قيمه الخلقية ، مع شرائعه التنظيمية .. و تقوم كلها على قاعدة واحدة
من حقيقة الألوهية فيه و حقيقة الحياة الآخرة .
فالحياة في التصور الإسلامي ليست هي هذه الفترة القصيرة التي تمثل عمر الفرد ،
وليست هي هذه الفترة المحدودة التي تمثل عمر الأمة من الناس ..
كما أنها ليست هي هذه الفترة المشهودة التي تمثل عمر البشرية في هذه الحياة الدنيا .
ن الحياة في التصور الإسلامي تمتد طولاً في الزمان .. و تمتد عرضاً في الآفاق .. و تمتد عمقاً في العوالم ..
و تمتد تنوعاً في الحقيقة .. عن تلك الفترة التي يراها و يظنها و يتذوقها من يغفلون الحياة الآخرة من حسابهم و لا يؤمنون بها .
إن الحياة في التصور الإسلامي
__ تمتد في الزمان فتشمل هذه الفترة المشهودة – فترة الحياة الدنيا – و فترة الحياة الأخرى التي لا يعلم مداها إلا الله
و التي تعد فترة الحياة الدنيا بالقياس إليها ساعة من نهار .
__ و تمتد في المكان فتضيف إلى هذه الأرض التي يعيش عليها البشر داراً أخرى :
_ جنة عرضها كعرض السماوات و الأرض .
_ و ناراً تسع الكثرة من جميع الأجيال التي عمرت وجه الأرض
__ و تمتد في العوالم فتشمل هذا الوجود المشهود إلى وجود مغيب لا يعلم حقيقته كلها إلى الله ، و لا نعلم نحن عنه إلا ما أخبرنا به الله .
وجود يبدأ من لحظة الموت وينتهي في الدار الآخرة .
و عالم الموت و عالم الآخرة كلاهما من غيب الله و كلاهما يمتد فيه الوجود الإنساني في صور لا يعلمها إلا الله .
__ و تمتد الحياة في حقيقتها فتشمل هذا المستوى المعهود في الحياة الدنيا إلى تلك المستويات
الجديدة في الحياة الأخرى .. في الجنة و في النار سواء ..
و هي ألوان من الحياة ذات مذاقات ليست من مذاقات هذه الحياة الدنيا .. و لا تساوي الدنيا – بالقياس إليها – جناح بعوضة .