الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد: فإذا كان من خُلُقِ العربي الأصيل:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فإذا كان من خُلُقِ العربي الأصيل: الوفاءُ بالعهد والكرم والجُود، فإن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم كان إمامًا في الأخلاق كلها، يقول بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم: ((إنما بُعثت لأُتمِّم مكارم - وفي رواية: صالح – الأخلاق))؛ [صحيح].
ومن صور الوفاء وأبهاها، وأجملها عند الله تعالى، وأوفاها عند نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:
1- ما جاء في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أنتِ؟» قالت: أنا جثَّامة المزنية، فقال: «بل أنت حسَّانة المزنية، كيف أنتم؟ كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟»، قالت: بخيرٍ بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فلما خرجت، قلت: يا رسول الله، تُقبِل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال: «إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان»؛ [صحيح].
وبعد وفاة خديجة كانت تأتي هالة بنت خويلد أخت السيدة خديجة وتطرق الباب، فيعرفها لأن طريقة طرقها للباب نفس طريقة خديجة، فيفرح النبي صلى الله عليه وسلم فرحًا شديدًا ويقول: ((اللهم هالةَ بنت خويلد ...)).
• عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ((استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك، فقال: اللهم هالة، قالت: فغرت، فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراءَ الشِّدْقِين، هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيرًا منها))؛ [متفق عليه].
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يذبح شاة يحرص على أن يوزِّع من لحمها على صاحبات خديجة، ويقول: اذهب بهذا إلى فلانة، فتقول السيدة عائشة: من هذه يا رسول الله؟ فيقول: إن خديجة أوصتني بها، ثم يقول: اذهب بهذا إلى فلانة، فتقول السيدة عائشة: من هذه يا رسول الله؟ فيقول: كانت صديقةً لخديجة، ثم يقول: اذهب بهذا إلى فلانة، فتقول السيدة عائشة: من هذه يا رسول الله؟ فيقول: إنها كانت تحب خديجةً، فتقول السيدة عائشة: لكأنه ليس في الأرض امرأة إلا خديجة))، تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ((ما غِرْتُ على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاءً، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول: إنها كانت، وكانت، وكان لي منها ولد))؛ [متفق عليه].
وفي يوم بدر في السنة الثانية من الهجرة، وقع العاص بن الربيع زوج السيدة زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم في الأسرى؛ لأنه كان لا يزال على كفره، وأرسلت كلُّ عشيرة الأموالَ في فداء أسْرَاها، وأرسلت السيدة زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم في فداء زوجها، فأرسلت قلادةً كانت قد أهدتها إليها أمها السيدة خديجة في يوم زواجها، ورأى الرسول صلى الله عليه وسلم هذه القلادة، وقلَّبها بين يديه، ورقَّ لها رقةً شديدةً، وتأثر تأثرًا شديدًا، وقال لصحابته: ((إن رأيتم أن تُطلِقوا لها أسيرها، وتردُّوا عليها مالها، فافعلوا، فقالوا: نعم يا رسول الله، إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها مالها، فافعلوا))؛ [حسن].
فاللهم ارزقنا خلق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وارزقنا رفقته في أعلى جنات الخلد، آمين، وصلى الله على النبي محمد وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا، والحمد لله رب العالمين.