قبل البدء هناك مقدمة لابد منها
بخصوص شبهات تثار حول قصة الطوفان
القصص في القرآن :
جاءت لمقاصد إيمانية ودعوية أشار القرآن إليها بوضوح منها :
1- تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم وقلوب المؤمنين عند الشدائد :
قال الله تعالى :
( وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ )
هود/ 120 .
2- للتدليل على أن هذا القرآن من الله تعالى المحيط بكل شيء علما ، والعالم بما كان وبما سيكون ، كما قال الله تعالى بعد ذكره لقصة نوح عليه السلام :
( تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ )
هود / 49 .
فالقرآن يذكر من الحادثة ما يحقق المقصود الدعوي والإيماني منها ،
كما نرى في قصة نوح عليه السلام مع قومه ،
فقد كان التركيز على جهد نوح في دعوته ، وبيان مدى إعراض قومه عن الحق ،
ثم بيّن الله العقاب الذي لحق هؤلاء القوم المعرضين عن الحق ،
وذكر لنا من صفات هذا العقاب ما نستطيع أن نأخذ منه صورة عامة لهوله ،
أما باقي تفصيلاته التي لا تفيدنا فلم يتعرض لها القرآن .
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :
" ففي القرآن الكريم أشياء كثيرة لم يبيِّنها الله لنا ولا رسوله ،
ولم يثبت في بيانها شيء ، والبحث عنها لا طائل تحته ولا فائدة فيه .
وكثيرٌ من المفسرين يطنبون في ذكر الأقوال فيها بدون علم ولا جدوى ،
ونحن نُعرض عن مثل ذلك دائماً ، كلون كلب أصحاب الكهف ، واسمه ،
وكالبعض الذي ضرب به القتيل من بقرة بني إسرائيل ،
وكاسم الغلام الذي قتله الخضر ، وأنكر عليه موسى قتله ،
وكخشب سفينة نوح من أي شجر هو ، وكم طول السفينة وعرضها ،
وكم فيها من الطبقات ،
إلى غير ذلك مما لا فائدة في البحث عنه ، ولا دليل على التحقيق فيه "
انتهى من " أضواء البيان " (4/58) .
فالأولى أن نترك التدقيق في المعلومات التي لم يذكرها القرآن ولا السنة عن هذا الطوفان وذلك لسببين :
1- عدم وجود الفائدة من ذلك التدقيق ، فلو كان فيه فائدة لأخبرنا به القرآن أو السنة .
2- أن الأسانيد العلمية ، والأدلة التاريخية : لن توصلنا إلى نتيجة قطعية في مثل ذلك ؛
لأن واقع الحياة وتفاصيلها في ذلك الزمن البعيد جدا : مجهولة للإنسان ،
وما يذكره العلم الحديث عن تلك الأزمان البعيدة في القدم : ليس كله من الحقائق العلمية المطلقة ،
بل كثير منه هو نظريات وتفسيرات علمية ، قابلة للتغير والتخطئة والإبطال .
المصدر الاسلام سؤال وجواب
•••• {المعجزة الأولي}
كان نوح عليه السلام يصنع السفينة بوحي من جبريل عليه السلام في كل لوح خشبي يضعه ، وفي كل مسمار يدقه فهو لا يعرف شيئاً عن صناعة السفن ، وكانت الملائكة تساعده وتعاونه في صناعتها
قال تعالى :
( وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ )
وقد صُنعت السفينة من الخشب المثبت ببعضه بالمسامير
قال تعالى: [وحملناه على ذات ألواح ودسر]
(والدسر) هي : المسامير
وكان يصنع السفينة في الصحراء ، علي غير عادة صانعي السفن ، فهي تصنع علي شواطئ البحار والأنهار ، مما جعله عرضه لسخرية قومه، فهم لا عهد لهم بصناعة السفن ، ولايفهمون ماذا يفعل نوح؟!
قال تعالى
(وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ* فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيم )
..................
.......
ظ*•••{المعجزة الثانية}
أمره ربه بتسيير السفينة إذا فار التنور فهي العلامة الفارقة ، أن يحمل معه المؤمنين ، ومن كل زوجين أثنين ، وأن من كفر من قومه سيغرق بالطوفان
قال تعالى
(حَتَّىظ° إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ غڑ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ )
وهناك إختلاف وآراء كثيرة في معني التنور ، لكن أوثق الآراء أنه الفرن المعروف
فيكون المعني : إذا خرج الماء من فرن بيت
.............
.......
•••• {المعجزة الثالثة}
أن تتحمل السفينة فيضان الماء ، وارتفاع الأمواج العاتية ، التي وصفها عز وجل بقوله تعالي : {وهي تجري بهم في موج كالجبال }
ويتضح من التعبير القرآني ، أنها كانت تجري وسط الماء الذي صار له عنفوان الموج ، والذي كاد ارتفاعه أن يطول الجبال ، مما يدل علي شدة وقوة المياه ، ولم تكن تسير ، بل كانت تجري مسرعة ، في الماء ،الذي يغمرها من تحتها ومن فوقها ، ويحتويها من كل جوانبها ، والمعتاد أن السفن تتهادي وتمشي فوق الماء
وتحملت الماء المندفع من الأرض ، والماء المنهمر من السماء إلي أن رست على جبل الجودي بعد (ظ¤ظ*) يوماً ، وقيل ثلاثة أشهر ، وقيل أكثر من ذلك
ناهيك عن قوة الضغط والتدمير التي تنتج عن كل هذا الماء حيث قيل أن كمية الماء التي تلقته الأرض حينئذٍ يعادل ظ،ظ¦ظ* الف مرة حجم ماء المحيط الأطلسي
وقيل أنه يقدر بحوالي (ظ¦،ظ¦ظ¦)الف مليون متر مكعب والذي أغرق كل شئ على الأرض ، وتركها كأن لم تغن بالأمس
قال تعالى
{ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيوناً فالتقي الماء على أمر قد قدر}
هذا الماء الذي يستحيل أن تنجو منه أي سفينة عادية ،إلا أنه ما الغرابة؟! وهي تجري علي مرأي من الله ، وبأمره ، وقد تعهدها سبحانه وتعالى أثناء جريانها وعند مرساها بالعناية والرعاية
قال تعالى: { بسم الله مجراها ومرساها }
وقال تعالى : {تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر}
..............
.......
•••• {المعجزة الرابعة}
السفينة كانت تجري بسرعة شديدة وسط هيجان الفيضان ، والماء المتدفق من الأرض ، والماء المنهمر من السماء ، والأمواج العالية
رغم أنها كانت خالية من وسائل الدفع، والحركة والتوجيه ، فلا اشرعة ، أو مجاديف ، أو عجلة قيادة ،أو مواتير من التي نعرفها الآن ، لكنها تجري تحت رعايته وعنايته ، فالله سبحانه وتعالى هو الذي تولي قيادتهاوتسييرها وتولي نجاتها ، وحفظ ركابها
قال تعالى(تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر )
وقال تعالى :(بسم الله مجراها ومرساها)
...........
........
•••• {المعجزة الخامسة}
هي ركاب السفينة فقد شُحنت السفينة بكل من آمن مع نوح من البشر ، وكل الحيوانات والطيور والحشرات ، والديدان ، والزواحف ، من كل صنف زوجين إثنين
قال تعالى:( واحمل فيها من كل زوجين اثنين )
على إختلاف بيئاتها ، وطبائعها ، ومع إختلاف طرق معيشتها ، ونوعية غذائها ، والتناقض والتضاد بينها ، وفيها من هو عدو للآخر ، إلا أنها تعايشت بسلام مع بعضها لمدة أربعين يوماً أو أكثر ، إلي أن وصلت السفينه محطتها الاخيرة ، وأستقرت على جبل (الجودي) الذي يقع أقصي جنوب تركيا في حدودها مع العراق وسوريا
وقد وصفها رب العزة بالسفينة المشحونة، وتعهد بنجاتها ومن مع نوح من المؤمنين ، وغيرهم ممن شحنت بهم السفينة
قال تعالى:
{وأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون}
وبذلك تعد السفينة في صناعتها ، وقوة تحملها وسرعتها ، وحمولتها ، وركابها ، معجزة آلهية لسيدنا نوح عليه السلام تفوق قدرات البشر فليست هى من صناعته فقد كان عليه السلام يتلقى تعاليم صناعتها من جبريل عليه السلام خطوة بخطوة ، وليس هو ربانها ، وقائدها
فسبحان الله الذي تعهد بصناعتها ، وسيرها وسط كل هذا الماء ، وحفظها ، وانجاها هي ومن عليها ، وأرساها بأمان وسلام على جبل الجودي
ظ*••• {المعجزة السادسة}
بعد أن رست السفينة على جبل الجودي بسلام ، وأغرق الله الكافرين ، وأنجا المؤمنين ، أمر الأرض أن تبلع ماءها ، وأمر السماء أن تكف عن سيولها ، وينتهي كل شيء ، آية كبيرة ، ومعجزة عظيمة للعالمين كما ذكر الله عز وجل
قال تعالى:
[وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ]
وقال تعالى:
[وجعلناها آية للعالمين]
وقال تعالى :
{ولقد تركناها آية فهل من مدكر}
...........
.......
***وأخيراً تجدر الإشارة إلي أن سيدنا نوح كان له أربعة أبناء هم :-
(سام) ، (حام) ، (يافث) ، (وكنعان) ، آمن منهم سام ، وحام ويافث ، وركبوا مع أبيهم السفينة ، أما كنعان فكان من المغرقين ، وهلك في الطوفان ، فقد أصر علي العناد والكفر
قال تعالى:
{وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ المَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ اليَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا المَوْجُ فَكَانَ مِنَ المُغْرَقِينَ ï´¾
[هود: 42 - 43]
ومن ذرية نبي الله نوح ،(سام) ،(حام) ، (يافث) تناسلت البشرية، وعمرت الأرض مرة أخري
وأما (سام) فهو أبو العرب واليهود ، (ويافث) هو أبو الترك والروم ، (وحام ) هو أبو الحبش والسود
قال تعالى :
{وجعلنا ذريته هم الباقين ( 77 ) وتركنا عليه في الآخرين ( 78 ) سلامٌ على نوح في العالمين ( 79 ) إنا كذلك نجزي المحسنين ( 80 ) إنه من عبادنا المؤمنين (81 ) }
stdkm sd]kh k,p