تغير الزمان:
أيها الأخوة المؤمنون , نتابع فيما يلي موضوع علامات الساعة الصغرى إن شاء الله عزَّ وجل. عدي بن حاتم كان ملكاً من ملوك الجزيرة ، وقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقال له:
(( من الرجل ؟))
فقال: عدي بن حاتم , والنبي عليه الصلاة والسلام علَّمنا الأدب فقال: (( أنزلوا الناس منازلهم))
( من الجامع الصغير: عن " السيدة عائشة " )
فأخذه إلى البيت تكريماً له، قال عديّ: وفي الطريق استوقفته امرأةٌ ضعيفةٌ كبيرةٌ فوقف معها طويلاً تكلِّمه في حاجتها، فقال عدي في نفسه: واللهِ ما هذا بأمر ملك، ثم وصل إلى البيت، وقبل أنْ يجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع إليه وسادةً من أدمٍ محشوةٍ ليفاً و
قال: " اجلس عليها ".
فقال عدي: بل أنت.
قال النبي: " بل أنت " اللهمَّ صلِ عليه.
قال عدي: فجلست عليها وجلس هو على الأرض , وقال النبي: " إيه يا عدي بن حاتم، ألم تكن ركوسيًّا ؟ ـ وهو دين بين النصرانية واليهودية ـ
قال عدي: بلى.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ألم تأخذ قومك بالمرباع " ؟ أي أنك تأخذ ربع دخولهم .
قال عدي: بلى.
قال النبي عليه الصلاة والسلام:
((فإن هذا لا يحل لك في دينك "، ثم قال: " يا عدي بن حاتم، لعله إنما يمنعك من دخولٍ في هذا الدين ما ترى من حاجتهم ـ المسلمون فقراء ـ وايم الله ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد مَن يأخذه، ولعله يا عدي إنما يمنعك من دخولٍ في هذا الدين أنك ترى المُلْك والسلطان في غيرهم ـ القوة الكبرى بأيدي الكفارـ وايم الله ليوشكن بالمرأة البابلية تحج البيت على بعيرها لا تخاف ـ يستتب الأمر للمسلمين ـ ولعله إنما يمنعك من دخولٍ في هذا الدين ما ترى من كثرة عدوهم ـ أعداءٌ لا يعدّون ولا يحصون ـ وايم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البابلية مفتَّحةً للمسلمين ))
عاش عدي بن حاتم حتى رأى هذا بعينه.
( أخرجه البخاري عن عدي بن حاتم في الصحيح )
الآن في رواية أخرى للبخاري عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ
قالَ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إِلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ فَقَالَ يَا عَدِيُّ هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ قُلْتُ لَمْ أَرَهَا وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا قَالَ فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنْ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ قُلْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلَادَ وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى قُلْتُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ قَالَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ فَلَيَقُولَنَّ لَهُ أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولًا فَيُبَلِّغَكَ فَيَقُولُ بَلَى فَيَقُولُ أَلَمْ أُعْطِكَ مَالًا وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ فَيَقُولُ بَلَى فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ قَالَ عَدِيٌّ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ قَالَ عَدِيٌّ فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ - أي المرأة - تَرْتَحِلُ مِنْ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ إِلَّا اللَّهَ - أيْ أن الأمنَ سيستتِبُّ، ولن يكون هناك قطَّاع طرق - وَكُنْتُ فِيمَنْ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ وَلَئِنْ طَالَتْ بِكُمْ حَيَاةٌ لَتَرَوُنَّ مَا قَالَ النَّبِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ))
( أخرجه البخاري عن عدي بن حاتم في الصحيح)
أي أعظم دولة في زماننا، وللتقريب فلو قلنا دولة مثل دولة اليمن الآن: إن هذه الدولة الضعيفة الصغيرة سوف تهزم أمريكا وتحتل البيت الأبيض , كم المسافة بين دولةٍ ضعيفة ودولةٍ عملاقةٍ قوية ؟! فالفرس وقتها كانوا يشكلون هذا العملاق الكبير ,
((وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ))
هذه الثالثة لم يدركها عدي بن حاتم، إلا أن المسلمين في عهد عمر بن عبد العزيز أدركوها، كان الرجل يخرج ومعه زكاة ماله، فيطوف البلاد طولاً وعرضاً فلا يجد مَن يأخذ منه شيئاً , الناس اغتنوا بالنظام الإسلامي.