بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين قال لها: القرقس والمروحة. حدثت في شعبان سنة 13هـ. قائد جيش المسلمين: أبو عبيد الثقفي في 9000
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قال لها: القرقس والمروحة.
حدثت في شعبان سنة 13هـ.
قائد جيش المسلمين: أبو عبيد الثقفي في 9000 مقاتل.
قائد جيش الفرس: بهمن جاذويه ومعه الجالينوس.
وبَهْمن لم يُقابِل خالد بن الوليد في معاركه التي خاضها في العراق، وكان قد تأخَّر عن معركة أليس؛ حيث قدم أمامه جابان كما مرَّ.
أما أبو عبيد فقد أمَّره عمر بن الخطاب على جيشالعراق؛ لأنَّه كان أول من هبَّ إلى الجهاد، وكان معه المثنَّى بن حارثة، وسليط بن قيس، وسعد بن عبيد.
فبعد معارك خالد بن الوليد المظفرة في العراق، حدث تطوُّر في فارس، فاستلم رستم القيادةَ العامَّة لجيوش الفرس، وكلَّفه كسرى بقِتال المسلمين، وأصبح صاحب الكلمة العليا في فارس، فكتب إلى الناس في المدن التي فتَحها المسلمون: أن ثوروا على المسلمين، وأرسل دعاته ليُباشروا ذلك، وكان المثنَّى بن حارثة في قلَّة من المسلمين ينتظر المددَ؛ لذلك تَراجَع بمن معه حتى لا يؤتى من خَلْفه، وأقام قربَ القادسية حتى قدِم إليه أبو عبيد الثقفي، فالتقوا مع الفُرس في معركة النمارق فهزموهم، ثمَّ في معركة كسكر والساقطية فهمزموهم أيضًا، وغنموا كثيرًا من السِّلاح والطعام، وأعطوا منه للفلاحين وكان مُحرَّمًا عليهم؛ لأنَّه خاص بالملوك، كما بعثوا منه إلى المدينة المنورة، وفرَّق أبو عبيد عدَّة جيوش لتُطارِد العدوَّ وتُصيب تجمُّعاتهم، فنجحوا في ذلك، وهزَم الجالينوس في باقسياثا، وهكذا فشلت خطة رستم في إحداث ثورة على المسلمين، وعاد الجالينوس إلى رستم مع فلول المنهزمين، وهنا عقد رستم رايةً لبهمن جاذويه؛ وهي راية كسرى، طولها اثنا عشر ذارعًا، وعَرْضها ثمانية أذرع، كما زوَّده بالفيلة وعليها الرماة.
وتقابل الجيشان وبينهما نهر الفرات، فأرسلوا إلى أبي عبيدٍ: إمَّا أن تعبروا إلينا ونخلي بيننا وبينكم، وإما أن نَعبر إليكم وتخلون بيننا وبينكم، فقال أبو عبيد: بل نعبر إليهم - وذلك لفرط شجاعته - لكن القادة الذين مع أبي عبيد نصحوه بعدم العبور، فأصرَّ على رأيه وقال: لا يكونون أجرأ على الموت منَّا، وهكذا عبر المسلمون إلى مكان ضيق المطرد والمذهب، وهو لا يَصلح لقتال جيشين كثيفين، ومع ذلك صمد المسلمون في المعركة وأثخنوا الفرسَ جراحًا ولم يبق إلَّا هزيمة الفرس، فإذا بالفيلة تضايق المسلمين وتفتك بهم، وترهب خيلهم، فحمل أبو عبيد على الفيل الكبير بعد أن أعطى أوامرَه بقطع الركائب لكي يَسقط الرماة الذين على ظهر الفيل؛ لأنهم آذوا المسلمين بالنشاب والحراب، ولما اقترب أبو عبيد من الفيل الكبير أهوى الفيل على أبي عبيد بخرطومه فضربه بالسيف، لكن الفيل اتَّقى السيف بيده، ثمَّ أمسك أبو عبيد بخرطوم الفيل، إلَّا أن الفيل سارَع وضرب أبا عبيد بيده فسقط أرضًا ثمَّ داسه فقتله، وصُرع أبو عبيد في وقتٍ كان نصر المسلمين قابَ قوسين أو أدنى، فاضطرب الجند وبادروا بالهرب، فقطع مرثد الثَّقفيالجسركي لا يَفِر المسلمون، فأوقع المسلمين في ضيق وكرب، والمثنَّى يصيح به أن يقيمه ليَعبُر المسلمون، فقد بدأ المسلمون يُلقون بأنفسهم في النَّهر، فعمد المثنَّى مع عدد من شجعان المسلمين على شدِّالجسروربط الحبال، ونادى المثنى بالمسلمين ليعبروا بتأنٍّ وسلامة، ووقف يصدُّ عنهم هجمات الفرس حتى كان آخر الجند عبورًا، وانتقلوا للضفَّة الثانية يجمعون أنفسهم بعد أن فقَدوا أربعةَ آلاف جندي ما بين قتيل وغريق، وفرَّ ألفان في المفاوز وكانت مَعركة قاسية على المسلمين، حتى شبَّهها بعضهم بمعركة مؤتة، وقُتل عندالجسرسليط بن قيس الذي نصَح أبا عبيد من قبل بعدم العبور إلى الفُرس، وقد كان سليط مع المثنَّى بن حارثة عندالجسريَحمي الناسَ لعبوره بسلام، وهو من القادة الشجعان رحمه الله، وبقي مع المثنَّى ثلاثة آلاف، وقد جرح المثنَّى جراحات بليغة في هذه المعركة.
أما الفرس، فقد اكتفوا بهذا النَّصر على المسلمين لأول مرَّة منذ بَدء المعارك معهم، وقد حدَث في المدائن ما يشغلهم أيضًا؛ حيث اضطرب نِظام الحكم هناك؛ مما أثَّر على الجيش فلم يتبع المسلمين مستغلًّا هذا النصر.
مراجعة وتنسيق ناطق ابراهيم العبيدي