كلمة "تذكُّر أو الذكرى" من الكلمات التي يُخوِّل لنا التأملُ والتفكر فيها رصدَ طبيعة وخاصية وحركة وميزة في الإنسان، وهي الذكرى أو التذكر، تلك الميزة التي تأتي بعد النسيان والغفلة،
كلمة "تذكُّر أو الذكرى" من الكلمات التي يُخوِّل لنا التأملُ والتفكر فيها رصدَ طبيعة وخاصية وحركة وميزة في الإنسان، وهي الذكرى أو التذكر، تلك الميزة التي تأتي بعد النسيان والغفلة، والسهو والإهمال، والتلهِّي والانشغال.
ولعل ما يلاحظ من زاوية النظر والتأمل في تلك الكلمة ومدلولاتها - هو أن الإنسان دائمُ التذكر والاستحضار لكل أمرٍ يعتقد أنه مهمٌّ وجوهري بالنسبة له، فالإنسان دائمُ التذكر مثلًا لمواعيد الأكل والشرب.
بينما كلما كان الأمر يُمثل هامشًا أو محدود الأهمية والجدارة والقيمة في نظره - تناقص وتضاءل التذكر والذكرى، والنظر إليه، فيصبح ذلك الأمر مهجورًا منسيًّا، لا قيمة له في نظر الإنسان وفعله وكِيانه، حتى وإن تذكَّره، فسرعان ما يهجره نسيانًا ومرورًا سريعًا؛ لينشغل بغيره مما يعتبره من الأولويات.
إذًا فكلمة التذكر أو الذكرى تأمُّلُها والتفكر فيها يقودنا إلى استكشاف خاصية تَميُّز الإنسان؛ إذ تكشف بالدليل العملي والحجة المعاينة ما له شأنٌ ووزن وقيمة في حياته وأعماله، فيكون دائمَ التذكر له، وما يُمثل الهامش والحواشي، أو ما لا قيمة ولا أهمية عنده، فيكون في خانة الهجر والنسيان، والمرور السريع عليه؛ حيث يعتبره من الأمور الثانوية، فيتضاءل تذكرها واستذكار، أو تذكُّر ما فيها، وما هو مرتبط بها، فتنحصر الذكرى في مجرد ومضات سريعة ومتقطعة، ومتباعدة وسطحية، تبتعد عن العمق والدوام والدقة في التذكر والاستحضار؛ فتكون أقرب إلى الهجر والنسيان والإهمال منها إلى الاستذكار والتذكر والذكرى.