مذاق الألم كلُّ تجربةٍ مريرةٍ ومؤلمةٍ بها حلاوةٌ خفيةٌ، ودروسٌ جميلةٌ، فقط لمن (يعي ويتأمل)؛ ولذا هيّا معا نتأمل، ونجرب ماذا يمكن أن يُفعل بنا إذا قمنا بشكر هؤلاء المساكين:
مذاق الألم كلُّ تجربةٍ مريرةٍ ومؤلمةٍ بها حلاوةٌ خفيةٌ، ودروسٌ جميلةٌ، فقط لمن (يعي ويتأمل)؛ ولذا هيّا معا نتأمل، ونجرب ماذا يمكن أن يُفعل بنا إذا قمنا بشكر هؤلاء المساكين:
أن نشكر كلَّ كاذبٍ علمنا أن نتفانى فيما بعد في البحث عن الصادقين، ومنحنا مهارة وذكاء معرفة الصادقين واكتشافهم، والتي ما كنا لنتعلمها لولا مرارة التجربة التي وضعنا فيها. أن نشكر كلَّ خائنٍ جعل قلوبنا تتمزق نياطُها من شدة الحزن، ونحن نتذكر تفانينا في تقديم أسمى معاني الوفاء والعرفان له؛ لأنه جعلنا نتحرى مواطن الوفاء والأوفياء، ولا نمنح وفاءنا على طبقٍ من فضة لمن لا يستحقون، بغباء وسذاجة، فينتفعون هم، وألسنتهم تلهج بشكرنا والثناء علينا، في حين أن قلوبهم تسخر من سذاجتنا وطيبتنا البلهاء. أن نشكر كلَّ غادرٍ جعلنا نبحثَ بكلِّ طاقتِنا عن الإخلاص. أن نشكر كلَّ ظالمٍ، جعلنا ننسج من آلام مرارة ظلمه، شباكًا قويةً نصطاد بها العدلَ ونصبو إليه، ونضحي بكل ما نملك من أجل رفع الظلم عنا. أن نشكرَ كلَّ مُهاجرٍ قطعَ كلَّ السُبلِ بيننا وبينه، دون جريرة منا؛ لأنه علمنا ألا نشدَّ الرحالَ إلا لمن يستحق. أيها المساكين، شكرًا. نعم قد تألمنا، لكننا تعلمنا، وذقنا طعم (الألم الجميل)، لكن ماذا تعلمتم أنتم؟ لا شيء. وماذا تذوقتم؟ مرارة سيئاتٍ ستحملون أوزارَها إلى يوم العرض على الملك الذي لا يُظلم عنده أحدٌ أبدًا.