قال صلى الله عليه وسلم:
((إن الله عز وجل حليم، حيي ستير
يحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر))
(1) وقال صلى الله عليه وسلم:
((إن الله حيي يستحي من عبده إذا مدَّ يديه إليه
أن يردهما صفراً)) (2)
قال السعدي رحمه الله: وهذا من رحمته، وكرمه
، وكماله، وحلمه أن العبد يجاهره بالمعاصي مع فقره الشديد إليه،
حتى أنه لا يمكنه أن يعصي إلا أن يتقوى عليها بنعم ربه
، والرب مع كمال غناه عن الخلق كلهم من كرمه يستحيي من
هتكه وفضيحته وإحلال العقوبة به،
فيستره بما يقيِّض له من أسباب الستر،
ويعفو عنه ويغفر له، فهو يتحبب إلى عباده بالنعم
وهم يتبغّضون إليه بالمعاصي، خيره إليهم بعدد
اللحظات وشرهم إليه صاعد،
ولا يزال الملك الكريم يصعد إليه منهم بالمعاصي
وكل قبيح ويستحيي تعالى ممن شاب في الإسلام أن
يعذبه وممن يمد يديه إليه أن يردهما صفراً،
ويدعو عباده إلى دعائه ويعدهم بالإجابة وهو
الحيي الستِّير يحب أهل الحياء والستر،
ومن ستر مسلماً ستر الله عليه في الدنيا والآخرة،
ولهذا يكره من عبده إذا فعل معصية أن يذيعها،
بل يتوب إليه فيما بينه وبينه ولا يظهرها للناس،
وإن من أمقت الناس إليه من بات عاصياً والله يستره
، فيصبح يكشف ستر الله عليه،
وقال تعالى:إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي
الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ
[النور:19] وهذا كله من معنى اسمه (الحليم) الذي
وسع حلمه أهل الكفر والفسوق والعصيان،
ومنع عقوبته أن تحل بأهل الظلم عاجلاً،
فهو يمهلهم ليتوبوا، ولا يهملهم إذا أصروا واستمروا
في طغيانهم ولم ينيبوا