ننتظر تسجيلك هـنـا

{ فَعِاليَآت غيمة عطر ) ~
                             

اعلانات غيمة عطر

عدد مرات النقر : 1,651
عدد  مرات الظهور : 76,947,884 
عدد مرات النقر : 1,653
عدد  مرات الظهور : 76,947,875 
عدد مرات النقر : 1,659
عدد  مرات الظهور : 76,947,869 
عدد مرات النقر : 1,610
عدد  مرات الظهور : 76,947,859 
عدد مرات النقر : 1,596
عدد  مرات الظهور : 76,799,768

عدد مرات النقر : 2,382
عدد  مرات الظهور : 76,947,362

عدد مرات النقر : 1,308
عدد  مرات الظهور : 66,332,024

العودة   منتديات غيمة عطر > عطرالمنتديات الاسلاميه > عطر القرآن الكريم

الإهداءات

سورة آل عمران

سورة آل عمران (الآيات 1-34) ﴿ الم ﴾ 1- حروفٌ مقطَّعة، لم يردْ في تفسيرِها حديثٌ ثابتٌ صحيح، فاللهُ أعلمُ بمرادِها. ﴿ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 14-12-2019
اسير الاحزان متواجد حالياً
Egypt     Male
Awards Showcase
 
 عضويتي » 1
 جيت فيذا » Mar 2017
 آخر حضور » منذ 4 ساعات (12:22 AM)
آبدآعاتي » 106,135
 حاليآ في » fanta
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »
 التقييم » اسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 4025
мч ммѕ ~
MMS ~
ام ام اس ~
MMS ~
 آوسِمتي »
 
T45 سورة آل عمران

Facebook Twitter


سورة آل عمران


(الآيات 1-34)



﴿ الم ﴾ [آل عمران: 1]
1- حروفٌ مقطَّعة، لم يردْ في تفسيرِها حديثٌ ثابتٌ صحيح، فاللهُ أعلمُ بمرادِها.

﴿ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ ﴾ [آل عمران: 2]
2- هوَ اللهُ الواحِدُ الأحَد، ذو الحياةِ الحقيقيَّةِ الدَّائمة، فلا بدايةَ لها ولا نهاية، فهو دائمُ الوجود، قائمٌ بتدبيرِ الكونِ كلِّه، لا حركةَ لهُ ولا حياةَ لمنْ فيهِ بدونِه.

﴿ نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ ﴾ [آل عمران: 3]
3- أنزلَ اللهُ عليكَ القُرآنَ بالحقِّ أيُّها النبيُّ محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم يُصَدِّقُ الكتبَ السماويَّةَ السابقَة، بما أخبرَتْ بهِ وبشَّرت، منْ ذلكَ إرسالُكَ نبيًّا خاتماً، وأنزلَ التوراةَ على موسَى، والإنجيلَ على عيسَى، عليهما الصلاةُ والسَّلام.

﴿ مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ [آل عمران: 4]
4- أنزلَهما قبلَ القُرآن، ليَهتديَ بهما الناسُ في زمانِهما، وأنزلَ القُرآنَ ليكونَ فُرقاناً بينَ الحقِّ والباطل، وبياناً لِما كانَ في الكتبِ السابقَةِ مِنْ حقّ، وتَنبيهاً لِما فيها مِنْ باطلٍ بعدَ تحريفِها، بما في القُرآنِ منْ آياتٍ بيِّنات، ودلائلَ واضحات.

والذينَ جحَدوا بآياتِ اللهِ وأنكرُوها، أو انحرَفوا عنها فزوَّروها وأوَّلوها على غيرِ وجهِها الحقّ، لهمْ عذابٌ مؤلمٌ قاسٍ يومَ القيامة. واللهُ عزيزٌ لا يُغالَب، يَفعلُ ما يَشاء، ويَحكمُ كما يُريد، يَنتقِمُ ممَّنْ كذَّبَ بآياتِه، وخالفَ أنبياءَه.

﴿ إِنَّ اللهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [آل عمران: 5]
5- ولا يَخفَى على اللهِ شَيءٌ مِنَ الأشياء، في السَّماواتِ والأرض، مهما دقَّتْ وصَغُرت، وعِلمهُ بالماضي والحاضرِ والمستَقبلِ شامِلٌ مُطلَق.


﴿ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 6]
6- هوَ الذي يَخلقُكمْ في أرحامِ أمَّهاتِكم كما يَشاء، مِنْ ذكرٍ وأنثَى، وحَسَنٍ وقَبيح، وتامٍّ وناقِص، ومِيْزةِ كلِّ واحدٍ وخصائصِه، بمشِيئتهِ وإرادتهِ النافِذَة. فهوَ وحدَهُ الخالقُ المُصَوِّر، لا يُشارِكُهُ في أمرهِ أحد، فهوَ وحدَهُ المستحِقُّ للعبادة، لهُ العزَّةُ والحِكمة، والأمرُ والتَّدبير.

﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7]
7- هوَ الذي أنزلَ عليكَ هذا القُرآنَ العَظيم، فيهِ آياتٌ مُحْكَماتٌ واضِحاتٌ يَعرِفُ مَعناها الناس، لا اشتباهَ في مَعناها ودَلالتِها، وفي بعضهِ الآخَرِ آياتٌ مُتشابِهاتٌ غيرُ واضِحات، فمنْ كانَ في قَلبهِ شَكٌّ وانحرافٌ وضَلال، فإنَّهمْ يَتركونَ الأصولَ الواضِحةَ المُحكَمةَ الدقيقَة، ويَجرُونَ وراءَ ما تَشابهَ مِنَ الآيات، وقَصدُهمْ مِنْ ذلك إحداثُ بَلبَلةٍ، وإثارةُ خِلاف، وإيهامُ أتباعِهمْ بأنَّهمْ على حقّ، وذلكَ بإنزالِ جُزءٍ ممّا تَدلُّ عليهِ هذهِ الآياتُ على معنىً أعمَّ، وتكبيرهِ بما يُناسبُ ضلالَهم وعقيدتَهم الفاسِدة. والحالُ أنَّ تأويلَ الآياتِ المتشابهاتِ وتفسيرَها الحقيقيَّ مخصوصٌ باللهِ تعالى.

والذينَ وفَّقهمُ اللهُ مِنْ عبادهِ الراسخينَ في العلم، المُتثبِّتينَ المُتمكِّنين، يَقولون: آمنّا بالمتشابِهِ أنَّهُ هوَ والمُحكَمُ مِنْ عندِ ربِّنا، لا مُخالفةَ بينهما، كلُّ واحدٍ منهما يُصَدِّقُ الآخَرَ ويَشهَدُ له، وأنَّ معناهُ الحقَّ هوَ على مرادِهِ تعالى.

ويجوزُ أنْ يكونَ في القُرآنِ تأويلٌ استأثرَ اللهُ بعلمهِ ولم يُطْلِعْ عليهِ أحداً مِنْ خلقه، كما استأثرَ بعلمِ الساعةِ وغيرِها. والخَلْقُ مُتَعبِّدونَ في المتشابِهِ بالإيمانِ به، وفي المُحكَمِ بالإيمانِ بهِ والعمَل. أفادَهُ البغَويّ.

وما يَذكرُ هذا حقَّ التذكُّر، ولا يتَّعِظُ بما في القُرآن، ولا يَفهَمُ ويَتدبَّرُ معانيَ الآياتِ على وجهِها، إلاّ الألبّاءُ والأسوياءُ مِنْ ذَوي العقولِ الراجحةِ المستَقيمَة، الذينَ لا يَزيغُونَ ولا يتَّبعونَ الأهواء.

﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]
8- ويَقولُ هؤلاءِ الراسخونَ في العلم، ويقولُ مَعهمْ كلُّ مؤمن: اللهمَّ إنّا نسألُكَ ألاّ تُميلَ قلوبَنا عنِ الحقِّ والهُدَى بعدَ أنْ أقمتَها عليه، ولا تَجعَلْنا مثلَ الذينَ في قُلوبِهمْ زَيغٌ فيتَّبعونَ ما تشابهَ منَ القُرآنِ ويذَرونَ مُحْكَمه، وأعطِنا مِنْ عندِكَ رحمةً واسِعةً تثبِّتُ بها قُلوبَنا على الهُدَى والصراطِ المستَقيم، فأنتَ الواهبُ المُنعِم، الهادي إلى الهُدَى والإيمان.

﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ المِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 9]
9- ويَقولونَ في دُعائهم أيضاً: اللهمَّ إنَّكَ تَجمَعُ الناسَ في يَومٍ لا شكَّ فيه، هوَ يومُ الحسابِ ويومُ الجزاء، لتَفصِلَ بينهمْ وتَجزيَ كلاًّ بما عَمِل، ووعدُك الحقّ، فلا تُزِغْ قلوبَنا، وارحَمْنا.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 10]
10- إنَّ الكافِرينَ لنْ تُفيدَهمْ أموالُهمُ التي جَمَعوها وكَنَـزوها في الدُّنيا لتَفُكَّ رِقابَهمْ مِنَ النارِ يومَ القيامة، ولا يَقْدِرُ أولادُهم على الانتِصارِ لهمْ في ذلكَ اليومَ وإنقاذِهمْ منْ عذابِ اللهِ كما كانوا يَنصرونَهمْ في الحياةِ الدنيا، بلْ إنَّ عاقبتَهمْ أنْ يكونوا حطبَ النارِ وحَصَبها التي تُسْعَرُ بهم.

﴿ كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ العِقَابِ ﴾ [آل عمران: 11]
11- وهذا كصَنيعِ آلِ فرعونَ ومَنْ قَبلَهم منَ الأممِ الكافرةِ، منَ الكفرِ والتكذيبِ بما جاءَ بهِ أنبياءُ الله، عندما حارَبوهمْ واستهزَؤوا بهمْ ونَبذوا ما جاؤوا بهِ وراءَ ظهورِهم، واللهُ شديدٌ في عقابهِ لهؤلاءِ الكافِرينَ وأمثالِهم.

﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المِهَادُ ﴾ [آل عمران: 12]
12- قلْ أيُّها النبيُّ لليهودِ والمشرِكين: ستُهزَمونَ وتَخْسَرونَ في قتالِكمْ ضدَّ المسلِمين، كما كانَ الأمرُ في غَزوةِ بَدر.

وفي حديثٍ حسنٍ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ لليهود: "يا معشرَ يهود، أسلِموا قبلَ أنْ يُصيبَكمْ مثلَ ما أصابَ قريشاً". لكنَّهمْ أبَوا وتحدَّوا، فأنزلَ اللهُ في ذلكَ الآية.

وصدقَ اللهُ وعدَه، بقتلِ بني قريظة، وإجلاءِ بني النَّضير، وفتحِ خيبر، وضربِ الجِزيةِ على مَنْ عَداهُم.

وسوفَ تُقادُونَ جميعاً إلى جهنَّم، ويا لهُ منْ موئلٍ سيِّءٍ فظيعٍ مُمَهَّدٍ لهمْ خاصَّة!

﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ التَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ العَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الأَبْصَارِ ﴾ [آل عمران: 13]
13- أيُّها الكافِرونَ مِنْ مُشركينَ ويَهود، الذينَ اغترُّوا بعَدَدِهمْ وعُدَدِهم، قدْ بَدا لكمْ كيفَ أظهرَ اللهُ دينَه، ونَصَر نبيَّه، في غزوةِ بَدر، عندَما التقتْ طائفتانِ في المعركة، طائفةٌ مُسلِمةٌ تُقاتِلُ تحتَ رايةِ لا إلهَ إلاّ الله، وطائفةٌ كافرةٌ تُقاتِلُ في سَبيلِ الطاغوت.

ومعَ أنَّ عددَ الكفّارِ كانَ ثلاثةَ أضعافِ عددِ المسلمين، إلاّ أنَّهمْ كانوا يَرونَهمْ -في رأي العينِ- ضِعفَيهمْ عندَ التِحامِ القِتال، وكانوا أوَّلاً يَرونَهمْ أقلَّ مِنْ ذلك. كما بدَوا للمسلمينَ أقلَّ ممّا همْ عليه، وقدَ عَرفوا منْ قَبلُ أنَّهمْ أكثرُ منهم؛ ليَتَّجهَ المسلمونَ إلى ربِّهمْ ويَطلُبوا منهُ النصر، فما النصرُ إلاّ منْ عندِه.

قال ابنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه: نظَرنا إلى المُشركينَ فرأيناهمْ يَضْعُفونَ علينا، ثمَّ نَظرنا إليهمْ فما رأيناهُمْ يَزيدونَ علينا رَجُلاً واحِداً!

وقالَ في موضعٍ آخر: لقدْ قُلِّلوا في أعينِنا حتَّى قلتُ لرجلٍ إلى جانبي: تَراهمْ سَبعين؟ وكانوا نحوَ الألف.

فاتَّجهَ المجاهدونَ إلى ربِّهمْ يطلبونَ منهُ العونَ والتأييد، وأحسَنوا توكُّلَهمْ عليه، ودبَّ الخوفُ والرُّعبُ في قُلوبِ المشرِكين، وأيَّدَ اللهُ الفئةَ المسلِمةَ فانتَصرت.

وفي ذلكَ عِبرةٌ لمنْ أرادَ أنْ يَعتَبر، فإنَّ اللهَ قادرٌ على نَصرِهمْ مرَّةً أخرى. فآمِنوا، ولا تَخْسِروا الدُّنيا والآخِرَة.

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ المُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ المَآَبِ ﴾ [آل عمران: 14]
14- زُيِّنَ في نُفوسِ الناسِ مُشتهَياتٌ مُستحَبَّةٌ مُستَلذَّة، منَ النساءِ اللواتي لا صبرَ للرجالِ بدونِهن. والرغبةُ فيهنَّ للشهوةِ والعِفَّة، والسكَنِ والرحمة، والودِّ والولَد.

ومنَ البَنين، حيثُ التفاخرُ والنسلُ والزينَة.

والمالِ الكثير، منَ الذَّهبِ والفِضَّة، الذي قدْ يكونُ تَكديسهُ للخُيَلاءِ والتكبُّرِ والسيطَرة، وقدْ يكونُ تَخزينهُ وتَنميتهُ ليُنْفَقَ في وجوهِ الخيرِ والطاعَة.

والخيولِ المحجَّلةِ الحِسان، التي قدْ تُقتنَى للقِتال، أو للهوايةِ والرياضة، فهيَ زينةٌ مُشتَهاةٌ على كلِّ حال.

والأنعام، منْ إبِلٍ وبقَرٍ وغَنَم.

والأراضي الزراعيةِ والحدائقِ والحقُول، التي تُزَوِّدُ الإنسانَ بالقُوتِ والطعَام، وتَدُرُّ عليهِ المالَ الوَفير.

وهذهِ الشهواتُ كلُّها منْ مَتاعِ الدنيا ولذائذِها المحبَّبة، وهيَ منْ زَهرتِها الذابِلة، وزينتِها الزائلة، فهيَ إلى فَناءٍ قريباً، وإلى حِسابٍ مُستَقبَلاً.

والذي عندَ اللهِ منَ اللذَّةِ والنَّعيمِ المُقيم، وأكبرُ مِنْ ذلكَ رضوانُ الله، هوَ خيرٌ مِنْ ذلكَ كلِّه.

﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 15]
15- فهلْ عَلمتُمْ ما هوَ خيرٌ مِنْ هذهِ الشهواتِ الفانِية، ولو كانتْ ممّا يُعجِبُ الإنسانَ ويَتمسَّكُ بها؟

إنَّهُ مِنْ نَصيبِ عبادِ اللهِ المتَّقين، الذينَ آمنوا باللهِ وقامُوا بالأعمَالِ الصَّالحة، فهؤلاءِ لهمْ عندَ ربِّهم جِنانٌ جَميلة، واسعةٌ رائعة، تَجري مِنْ تحتِها جداولُ المياهِ والأنهارُ العَذبة، ومنها ما يَجري بالعسلِ واللبنِ وأنواعِ الأشْرِبة، وفيها ما لم يَرَهُ الإنسانُ وما لم يَسمعْ به، معَ حياةٍ دائمةٍ هَنيئة، لا نَغْصَ فيها ولا انقِطاع.

ولهمْ فيها أزواجٌ مُطَهَّراتٌ مِنَ الأذَى الذي يَعتري نساءَ الدنيا، وحُورٌ عِيْنٌ جَميلاتٌ مُحَبَّباتٌ إلى النُّفوس، وفوقَ كلِّ ذلكَ رضوانُ الله، فلا سَخَطَ عليهمْ بعَدهُ أبداً.

واللهُ بصيرٌ بأعمالِ عبادهِ ونيّاتِهم وتوجُّهاتِهم في الدنيا، خبيرٌ بميولِهم ونوازِعِهم. وهوَ يُعطي كلاًّ بحسبِ ما عَمِلَ واجتهدَ وأخلَص.

﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 16]
16- وعبادُ اللهِ المؤمنونَ المتَّقونَ همُ الذينَ يَدعونَ ربَّهم ويَقولون: اللهمَّ إنَّنا آمنّا بكَ وبكتابِكَ وبرسولِك، فاغفِرْ لنا ذُنوبَنا، وتَجاوزْ عنْ سيِّئاتِنا، فإنَّهُ لا يَغفِرُها إلاّ أنت، ولا إلهَ لنا غيرُك، واصرِفْ عنّا عذابَ النار.

﴿ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالقَانِتِينَ وَالمُنْفِقِينَ وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران: 17]
17- وهمْ أيضاً عبادُ اللهِ الصَّابِرون، الذينَ يَثبُتونَ على التكاليفِ الشرعيَّة، فيُطيعونَ اللهَ فيما أمرَهم، ويَتركونَ المحرَّمات. ويَستَسلمونَ لحُكمِ اللهِ ويَرْضَوْنَ به، وإنَّ ذلكَ مِنْ عزمِ الأمور.

والصادقونَ الذينَ لا يَرضَوْنَ عنِ الحقِّ بديلاً، ويَعتزُّونَ به، ويُقاتِلونَ في سَبيلِه.

والقانتونَ الذينَ يَقومونَ بواجبِ العبوديةِ لربِّهم، ولا يَركعونَ إلاّ له، ولا يَسجُدونَ لغَيرِه.

والمُنفقونَ الذينَ لا يَبخلونَ بما أنعمَ اللهُ عليهم، ويَتفقَّدونَ المساكينَ واليَتامَى وأهلَ الحاجة، فيُعطونَهم ممّا أعطاهمُ الله.

والمستَغفِرونَ في وقتِ السَّحرِ وقدْ نامَ الناس، فيَلتَجِؤونَ إلى اللهِ ويَطلبونَ منهُ العفوَ والغُفران.

وجزاءُ هؤلاءِ جميعاً خيرٌ مِنْ كلِّ ما زُيِّنَ للناسِ منَ الشهواتِ المُستَلذّاتِ في الدُّنيا، ورِضوانُ اللهِ عليهمْ أكبرُ مِنْ ذلكَ كلِّه، فهوَ أجَلُّ مِنْ كلِّ شهوة، وخيرٌ منْ كلِّ مَتاع، وأعظمُ مِنْ كلِّ أُمنيَّةٍ تُتَمنَّى.

﴿ شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُولُو العِلْمِ قَائِمًا بِالقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]
18- شَهِدَ الله، وكفَى بهِ شهيداً، أنَّهُ الإلهُ الواحِدُ الأحَد، إلهُ الخلقِ كلِّهم، فالكلُّ لهُ عَبيد، وهوَ عنهمْ غنيّ، وشَهِدَتْ ملائكتهُ بوحدانيَّتِه، وكذا العُلماءُ الراسِخون، في تَصديقٍ وطَاعةٍ واتِّباع.

وهيَ شهادةٌ أيضاً بقيامِ اللهِ تعالَىُ بالعدلِ والقِسْطِ في تَدبيرِ الكونِ وحياةِ الناس، فلا يَظلِمُ أحداً، سُبحانَهُ وتَعالَى، لا إلهَ غيره، ولا رَبَّ سِوَاه، ولا أعدلَ منه، وهوَ ذو العِزَّةِ والعظَمة، الحكيمُ في كلِّ ما يَفعَلُ ويَشْرَعُ ويُقَدِّر.

﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ العِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الحِسَابِ ﴾ [آل عمران: 19]
19- الدِّينُ عندَ اللهِ الإسلام، وهو ما أُرسِلَ بهِ جميعُ الأنبياء، وهوَ الذي يَجِبُ أنْ يُتَّبعَ عندَ إرسالِ أيِّ رَسول، حتَّى خُتِمَ بهمْ محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فلا يُقبَلُ مِنْ أحدٍ دِينٌ بعدَ بِعثَتهِ صلى الله عليه وسلم سِوَى دِينِ الإسلام. والدِّينُ عندَ اللهِ هوَ الاستسلامُ لدينِه، واتِّباعُ حُكمه، وطاعتُهُ كما أمَر.

وما اختلفَ أهلُ الكتابِ وما تَنازعوا إلا بعدَ أنْ جاءَهمُ العلمُ وقامَتْ عليهمُ الحُجَّةُ ووَضَحَ أمامَهمُ الطَّريق، بإرسالِ الرسلِ إليهم، وإنزالِ الكُتبِ عَليهم، فترَكوا الأدلَّةَ الواضِحة وتَخَلَّوا عنِ العَقيدةِ الصَّحيحَةِ والشريعةِ المُحْكَمة، ولازَموا جانبَ الخِلافِ والجِدال، والمُخاصمةِ واللَّجاجَة، اعتداءً وظُلماً، وحَسداً وتَباغُضاً، وعِناداً واستِكباراً، حتَّى صَارَ بعضُهمْ يُخالِفُ بعضاً قصداً ونِكايةً ولو لم يَعرِفوا حقيقةَ الأمر!

وإنَّ مَنْ جحَدَ شَيئاً مِنْ آياتِ الله، وأنكرَ وحدانيتَه، ونبذَ دينَهُ الحقّ، فسوفَ يُحاسِبُهُ اللهُ على تَكذيبهِ هذا، ويُعاقبهُ على مخالفةِ كتابِه، وهوَ سريعُ الحِساب، وشديدُ العِقاب، وخاصَّةً لمنْ كفرَ بعدَ معرفةِ الحقّ.

﴿ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البَلَاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 20]
20- فإذا خاصَمكَ المشرِكونَ وأهلُ الكتَاب، وجادَلوكَ في عقيدةِ الإسلامِ التوحيديَّةِ الصافية، فقلْ لهم: لقدِ استَسلَمتُ لطاعةِ ربِّي، وخَضعتُ لأمرِه، واتَّبعتُ وحيَه، وأخلَصتُ عِبادَتي لهُ وحدَهُ لا شَريكَ له، ومنِ اتَّبعَني منَ الناسِ كانَ مُسلِماً وقالَ كما قلتُ.

وقلْ لأهلِ الكتابِ والمشرِكينَ في دعوتِهمْ إلى دِينِ التوحيد: أأسلمتُمْ وأقررتُمْ بتوحيدِ الله، والإيمانِ بألوهيَّتهِ للخلقِ أجمعين، وتحاكمتُمْ إلى كتابِه؟

فإذا أسلَموا واتَّبَعوكَ فقدِ اهتَدَوا إلى الدِّينِ الصَّحيح، وإذا أبَوا وعانَدوا وآثَروا الشِّرْكَ والكفرَ على دِينِ الإسلام، فما عليكَ أكثرُ ممّا بلَّغتَ وبيَّنتَ لهمُ الدِّينَ الحقّ، ولا تَقْدِرُ على سَوْقِ قلوبِ الناسِ إلى الإسلام، إنَّما مرجِعُهمْ وحِسابُهمْ على الله، وهوَ عالمٌ بأمرِ عبادِه، بصيرٌ بمَنْ يََستَحِقُّ الهِدايةَ ممَّنْ يَستَحِقُّ الضلالَة.

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [آل عمران: 21]
21- إنَّ الذينَ كفَروا بدينِ اللهِ وما أنزلَهُ منْ آياتٍ بيِّناتٍ، فآثرُوا الكفرَ على الإيمان، وارتَكبوا المآثمَ بتكذيبِهمْ رُسُلَه، وخالَفوهمُ استكباراً وعِناداً، ولم يَكتفوا بهذا، بلْ قَتلوا بعضَ أنبياءِ اللهِ الكِرام، ولا جَريمةَ لهمْ في ذلكَ سِوَى دعوتِهمْ إلى الحقّ! ثمَّ شَهَروا السُّيوفَ ضدَّ مَنْ يأمرُهم بالعدلِ واتِّباعِ الصِّراطِ المستَقيم، ويَنهاهُمْ عنِ المنكرِ والبَغي والجَهالة، مادامَ ذلكَ لا يَوافَقُ أهواءَهمْ وضلالاتِهم، تكبُّراً واستعلاءً على الحقِّ والهُدَى. إذاً فبشِّرْهُمْ بذِلَّةٍ وصَغار، وعَذابٍ قَريبٍ يَنالُهم.

﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [آل عمران: 22]
22- لقدْ بَطَلَ ثوابُ جميعِ ما عَمِلوا منْ أعمالٍ في الدُّنيا، ولو بدا بعضُها حَسناً وكبيراً، جزاءَ كُفرِهمْ وعِنادِهمْ وإيثارِهمُ الباطلَ على الحقّ، وقدْ فَقدوا الميزانَ الحقيقيَّ الذي يَحكمُ على الأعمالِ ويُبَيِّنُ خيرَها مِنْ شرِّها، ولنْ يكونَ لهمْ ناصرٌ يَنصرُهمْ مِنْ بأسِ الله، ولا مؤيِّدٌ يومَ القيامةِ يُخرِجُهمْ منَ العَذابِ المُهين.

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [آل عمران: 23]
23- ألا تَنظرُ إلى هؤلاءِ الذين أُوتُوا حظًّا مِنَ التوراةِ والإنجيل، منَ اليَهودِ والنَّصارَى، إذا دُعُوا إلى التحاكُمِ إلى ما فيهِما منْ طاعةِ الله، ومنْ بينِها اتِّباعُ الرسولِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، أعرضَ قِسْمٌ منهمْ مخالفةً وعِناداً، وإصراراً على الباطِل، وكأنَّهمْ ليسوا أهلَ كتاب، فلا يَهُمُّهمُ العملُ بما فيه؟!

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 24]
24- فإذا عُيِّرُوا بهذهِ المخالَفةِ وقيلَ لهمْ إنَّها جُرأةٌ ومَعصِيَةٌ مُنكَرة، ويَترتَّبُ عليها عِقابٌ عَظيمٌ منَ الله، هوَّنوا منْ إقدامِهمْ على هذا الفِعلِ المُنكَر، وافترَوا على اللهِ الكذِب، بقولِهمْ إنَّهمْ سيُعَذَّبونَ أياماً قليلةً في النار، ثمَّ يَخرجونَ منها إلى الجنَّة. ومثلُ هذا الذي مَنَّوا بهِ أنفسَهمْ أبقاهُمْ على دينِهمُ الباطِل، وهوَ ما لم يُنْـزلِ اللهُ بهِ سُلطاناً، إنَّما هوَ كذبٌ وافتِراء.

﴿ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 25]
25- فليَنتَظِروا ذلكَ اليومَ الحقَّ الذي نَجمَعُهمْ فيهِ للحِساب، ونُعطي كلَّ نفسٍ نَصيبَها منَ العِقاب، ولنْ يُظلَموا، وكفَى بالنارِ مَوئلاً وعَذاباً لمنْ عصَى وأبَى.

﴿ قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ المُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26]
26- قلْ: اللهمَّ لكَ المُلْكُ كلُّهُ بلا شَريك، أنتَ وحدَكَ المتصرِّفُ فيه، تؤتي فيهِ ما تشاءُ لعبادِك، مُلكاً مُعاراً مُؤقَّتاً، فأنتَ صاحبهُ وتَفعلُ فيهِ ما تُريد، وتَسْلبُهُ ممَّنْ تشاءُ عندَما تشاء، لا أحدَ يَقْدِرُ على أنْ يَمنعَ ويقولَ لا، فأنتَ مالكهُ وصاحبُه.

وتَجعلُ مَنْ تشاءُ مَنْ عبادِكَ عَزيزاً كريماً، وتَجعلُ مَنْ تشاءُ منهمْ ذَليلاً مَهيناً، بالقِسطِ والعَدل، فميزانُ الحقِّ بيدِك، وكلُّ شيءٍ عندَكَ بميزان، والخيرُ كلُّهُ بيدِكَ وفي مُلكِك، وأنتَ قادرٌ على كلِّ شَيء، فتُعطي مَنْ تشاء، وتَمنعُ مَنْ تشاء، وما شِئتَ كان، وما لم تَشَأ لم يَكن.

﴿ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 27]
27- ومِنْ آياتِكَ العَظيمةِ في الطبيعةِ رَبَّنا، أنْ تجعلَ حركةَ الضياءِ والظُّلمةِ على ما يَراهُ الإنسانُ منْ إعجاز، فتَجعلُ الضياءَ في النهارِ وتقلِّلُ منهُ حتَّى يَدخُلَ في ظُلمةِ المساءِ الخفِيفَة، ثمَّ يأتي الظلامُ فتَخِفُّ ظُلمتُهُ شَيئاً فشَيئاً ويَدخلُ في نورِ النهار، وتأخذُ منْ طولِ النهارِ لتَزيدَهُ في قِصَرِ الليلِ حتَّى يَعتدلا، ثمَّ العكس، حتَّى تَكتمِلَ دَورةُ الفصول.

وأنتَ الذي تُخرِجُ الحيَّ منَ الميِّت، وتُخرِجُ الميِّتَ منَ الحيّ، فتُخرِجُ الحبوبَ منَ الزُّروعِ والزُّروعَ منَ الحبوب، وتُخرِجُ الدجاجةَ منَ البيضةِ والبيضةَ منَ الدجاجة، وتُمِيتُ أشياءَ لتَكونَ مادَّةً لحياةٍ أخرَى في الإنسانِ والكَون، وهكذا في حركةٍ دائمة، لا يدَّعي أحدٌ أنَّهُ قادرٌ على مثلِها، ولا يَقولُ عاقلٌ إنَّهُ مصادَفةٌ مِنْ غَيرِ تَدبيرٍ وتَقدير.

وإذا عَرفَ الإنسانُ أنَّ كلَّ ما في الكونِ مُلْكٌ لله، وأنَّ ما يَجري فيهِ مِنْ عِزٍّ وذُلٍّ، وحياةٍ ومَوت، بمشِيئتِهِ وتَقديرِه، فليَعلمْ أنَّهُ هوَ وحدَهُ الذي يَرزُقُ مَنْ يَشاءُ بما يَشاء، فلا أحدَ يَستطيعُ أنْ يمنعَ نِعَمَهُ مِنْ أحَد، ولا أنْ يُعطيَ مَنْ يَمنعُه، فهوَ صاحبُ المشيئةِ والإرادة، وهوَ العادلُ الذي لا يَظلِم.

﴿ لَا يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ المَصِيرُ ﴾ [آل عمران: 28]
28- لا يَحِلُّ لأحَدٍ منَ المسلِمينَ أنْ يُواليَ كافراً ويُحِبَّهُ منْ دونِ المؤمنين، فمنْ فعلَ ذلكَ فقدْ مالَ قلبهُ إلى الكافرِ وفضَّلَهُ على المؤمِن، وهوَ بهذا العملِ ليسَ منَ اللهِ في شَيء، فهوَ مُنقَطِعُ الصِّلَةِ به، بَعيدٌ عنه، بَريءٌ منه. إلاّ مَنْ خافَ منهمْ فاتَّقَى شرَّهم، في بُلدانٍ وأوقاتٍ معيَّنة، بظاهرِ لسانهِ لا بقلبه، فإذا زالَ الخوف، زالتِ التقيَّة.

وإنَّ اللهَ يُحَذِّركمْ نِقمتَهُ وغَضَبه، فإنَّ العذابَ سيَنالُ مَن والَى أعداءَهُ وعادَى أولياءَه، وإنَّ مصيرَكمْ جميعاً إلى الله، ولسوفَ يُجازي كلاًّ بما عَمل.

﴿ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 29]
29- وقلْ: إنَّكمْ إنْ أخفَيتُمْ ما في قلوبِكمْ مِنْ مَودَّةِ الكافِرين، أو أبدَيتُمْ موالاتَكمْ لهمْ قَولاً وفِعلاً، فإنَّ اللهَ عالِمٌ بالسَّرائرِ والظواهِر، لا يَخفَى عليهِ شَيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماء، وهوَ قادِرٌ على عُقوبتِكمْ إنْ لم تَنتهوا عمّا نَهاكمْ عنه، وقادِرٌ على كلِّ شَيء. فاتَّقوا الله، ولا تَرتَكبوا ما مَنعكمْ منه.

﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 30]
30- وفي يومِ الحِسابِ يَرَى كلُّ عبدٍ أعمالَهُ أمامَهُ مِنْ خَيرٍِ وشَرّ، لم يَنْقُصْ منها شَيء، فيُسَرُّ ويَفرَحُ بالخَير، ويَندَمُ ويَتحسَّرُ على ما اقترفَ مِنْ شَرّ، ويَوَدُّ لو أنَّ بينَهُ وبينَ يومِ القيامةِ يَوماً بعيداً لا يَصِلُ إليه.

وإنَّ اللهَ يُخَوِّفُكمْ حِسابَهُ وعِقابَه، وهوَ كذلكَ رَؤوفٌ بكمْ واسِعُ الرَّحمة. ورَحمتُهُ لا تَمنعُ عِقابَ ما حذَّركمْ منه، وتَحذيرُهُ لا يَعني رفعَ الرحمةِ عنكم، لكنَّ كليهِما مُتَحَقِّقان. فاحذَروا، ولا تيأسوا، واعمَلوا الخيرَ وأبشِروا.

﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31]
31- وقلْ: إذا كنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ حقّاً فاتَّبعوني واسلُكوا طَريقي، وأطيعوا ما آمرُكمْ به، فإذا فَعلتُمْ ذلكَ فقدْ حَصلَ لكمْ جزاءُ طلبِكم، وهوَ محبَّةُ اللهِ لكمْ ورِضاهُ عَنكم، ومَغفِرَتُهُ لذنوبِكم، فإنَّهُ كثيرُ المغفِرَة، واسعُ المرحَمة.

﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 32]
32- قُل: أطيعوا اللهَ فيما يأمرُكمْ به، واتَّبِعوا الرسولَ محمَّداً صلى الله عليه وسلم في جميعِ ما يُبَلِّغكمْ مِنْ أمرٍ ونَهي، لتَفوزوا برِضَى اللهِ وعفوِه، فإذا أبَوا ورَضُوا بالكفرِ والضَّلال، فإنَّ اللهَ يَبْغُضُهمْ ويَسْخََطُ عليهم، ويُعِدُّ لهمْ ما يَستَحِقُّونَهُ مِنْ عِقاب.

﴿ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 33]
33- لقدِ اختارَ الله لحَمْلِ رسالةِ الإسلامِ وتبليغِ دعوتهِ آدَم، ونُوحاً، وآلَ إبراهيم، وآلَ عِمْران، مِنْ بينِ سائرِ الناس.

فآدمُ خَلَقَهُ بيدهِ وأسجدَ لهُ ملائكتَه، ونوحٌ جعلَهُ أوَّلَ رسولٍ إلى أهلِ الأرض، وآلُ إبراهيمَ منهمْ صاحبُ المِلَّةِ الحنيفيَّةِ خليلُ اللهِ إبراهيمُ نفسُه، ومُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذُرِّيته، وهوَ أفضَلُ الخلقِ وأكرمُهمْ على الله، وخاتمُ أنبيائه، وآلُ عِمران، وعِمرانُ والدُ مريمَ أمِّ عيسى، نبيِّ اللهِ الكريم.

﴿ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 34]
34- وهؤلاءِ ذُرِّيةٌ مُبارَكةٌ بَعضُها مِنْ بعضٍ في الدِّينِ والتَّناصُر، يَجمَعُهمْ وحدةُ العَقيدة، وتَبليغُ الرسَالة، والدعوةُ إلى الحقّ.

وهوَ يَسمَعُ مِنْ عبادهِ ما يدعونَ بهِ ويُسِرُّونَ ويُظهِرون، عليمٌ بهمْ وبأعمالِهم، فيَختارُ مَنْ يشاءُ منهمْ
الموضوع الأصلي: سورة آل عمران || الكاتب: اسير الاحزان || المصدر: منتديات غيمة عطر



s,vm Ng ulvhk





رد مع اقتباس
قديم 03-05-2020   #2



 
 عضويتي » 101
 جيت فيذا » May 2017
 آخر حضور » 14-03-2021 (05:14 PM)
آبدآعاتي » 7,997
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » فيصل الجهني is on a distinguished road
الاعجابات المتلقاة : 179

فيصل الجهني غير متواجد حالياً

افتراضي



الله يعطيك العافيه ع المجهود روعه جدا




رد مع اقتباس
قديم 13-05-2020   #3



 
 عضويتي » 630
 جيت فيذا » May 2019
 آخر حضور » منذ 4 أسابيع (01:26 AM)
آبدآعاتي » 12,535
 حاليآ في » 7up
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » احساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 360
 آوسِمتي »

احساس انثى غير متواجد حالياً

افتراضي







رد مع اقتباس
قديم 26-05-2020   #4



 
 عضويتي » 766
 جيت فيذا » May 2020
 آخر حضور » 26-05-2020 (11:33 PM)
آبدآعاتي » 402
 حاليآ في » 7up
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » رغد is a jewel in the roughرغد is a jewel in the roughرغد is a jewel in the roughرغد is a jewel in the rough
الاعجابات المتلقاة : 10

رغد غير متواجد حالياً

افتراضي



جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..
لِ روحك




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
يوتيوب يقوم بتجربة واجهة مستخدم جديدة بخاصية صورة داخل صورة مہلہك الہعہيہونے عطرتقنيه الجوال 15 08-02-2023 02:28 AM
تفسير الآية 137 من سورة آل عمران الوردة الجميلة عطر القرآن الكريم 9 27-10-2019 10:42 PM
## .. صورة من صور البر .. ## اسير الاحزان عطر المواضيع العامة 5 07-12-2018 11:08 PM
قصه ابي لهب مع سورة المسد مہلہك الہعہيہونے عطر الرسول و الصحابة الكرام 10 17-10-2017 06:31 PM

الاعلانات النصيه
منتديات غيمة عطر

الساعة الآن 05:11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009