04-05-2022
|
04-05-2022
|
#2
|
الصلاة والسلام عليه
الحمد لله العليم الحكيم؛ ï´؟ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ï´¾ [الحج: 75]، نحمده على ما هدانا واجتبانا، ونشكره على ما أعطانا وأولانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ يثني على من يشاء من عباده بطاعتهم له، وقربهم منه، ويسخِّر ملائكته يدعون لهم؛ ï´؟ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ï´¾ [الأحزاب: 43]، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أعلى الله - تعالى - مقامه، وشرح صدره، ووضع وزره، ورفع ذكره، فهو سيد ولد آدم، وهو صاحب المقام المحمود، واللواء المعقود، والحوض المورود، وأول من ينشق عنه القبر، وأول من يشفع، وأول من يدخل الجنة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ خير هذه الأمة سيرةً ومنهجًا، وأكثرهم إخلاصًا وصدقًا، وأزكاهم علمًا وعملاً، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه، وأعدوا للآخرة عدَّتها، وقدِّموا لها زادها، وإياكم ونسيانها؛ فإنها دارُكم وقراراكم؛ ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَï´¾ [الحشر: 18 - 19].
أيها الناس:
فَضْلُ النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته عظيم، وحقه عليهم كبير؛ فبسببه عرفوا الله - تعالى - وما يجب له عليهم، وببلاغه أنقذوا أنفسهم من الجهل والضلال، وأدركوا ما ينفعهم وما يضرُّهم في آخرتهم، فكانت بعثتُه - صلى الله عليه وسلم - رفعًا للجهل، وإزالةً للضلال، ونشرًا للعلم والهدى، وحياةً للقلوب، ونجاةً لمن آمن به، وحجةً على من استكبر عنه.
وعلى أتباعه من أمته حقوقٌ لا بد أن يؤدوها له؛ إذ به اهتدوا إلى الحق والرشاد، ورُفع عنهم الجهل والضلال في قضايا الخلق والوجود، وحكمة ذلك ونهايته، فجزاه الله - تعالى - عنا وعن المسلمين خير ما جزي نبيًّا عن أمته، ورزقنا طاعته واتِّباعه، وأوردنا حوضه، وأدخلنا الجنة في زمرته، آمين آمين.
ولكي يتحقق لنا ذلك؛ فلا بد من تحقيق الإخلاص لله - تعالى - وتجريد المتابعة لنبيه - صلى الله عليه وسلم - والاجتهاد في الدين الذي بلغه عِلْمًا بأحكامه، وعَمَلاً بمحكمه، وإيمانًا بمتشابهه، ودعوةً إليه، وثباتًا عليه، وصبرًا على الأذى فيه، وإقرارًا بفضل الله - تعالى - إذ هدانا، واعترافًا بفضل رسوله - صلى الله عليه وسلم - إذ بلغنا، وذلك بالديمومة على ذكر الله - تعالى - وشكره وحسن عبادته، وملازمة الصلاة والسلام على المبلغ عنه محمد - صلى الله عليه وسلم -
إن من أحبَّ شيئًا أدام ذكره، ولازم الثناء عليه، ولم يَغْفل عن ذلك أو ينساه، ومن حقوق نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - علينا: كثرة الصلاة والسلام عليه؛ كما صلى عليه ربنا - عز وجل - وأمرنا بذلك، وصلى عليه الملائكة عليهم السلام؛ ï´؟ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ï´¾ [الأحزاب: 56].
وصلاة الله - تعالى - عليه هي الثناء عليه في الملأ الأعلى، وصلاة الملائكة عليه ثناؤهم عليه بثناء الله - تعالى - ودعاؤهم له، وليست صلاتُنا على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - شفاعةً له؛ فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكنَّ الله - تعالى - أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا، فإن عجزنا عنها، كافأناه بالدعاء، فأرشدنا الله لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة والسلام عليه؛ ذلك أن أعظم خير حُزناه - وهو الإيمان - وأعظم شر حذرناه - وهو الكفر - كان بسبب بلاغه - صلى الله عليه وسلم.
ومع أن الصلاة والسلام عليه واجب على أمة الإجابة التي اهتدت على يديه، وحق من حقوق المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عليها؛ لأمر الله - تعالى -بها؛ فإن الله - تعالى - رتب على هذه العبادة العظيمة أجورًا جزيلةً، جاءت بها أحاديث كثيرة:
فالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - سبب لمضاعفة صلاة الله - تعالى -على العبد؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من صلى عليَّ واحدَةً، صلى الله عليه عَشْرًا))؛ رواه مسلم، وفي رواية للنسائي: ((من صلى عليَّ صلاةً واحدةً، صلى الله عليه عَشْرَ صلواتٍ، وحُطَّتْ عنه عَشْرُ خطيئَاتٍ، ورُفِعَتْ له عَشْرُ درجاتٍ)).
وكان من عباد الله الصالحين من يرى أن هذه العبادة أفضل العبادات؛ قال سهل بن عبد الله - رحمه الله تعالى -: "الصلاة على محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل العبادات؛ لأن الله - تعالى - تولاَّها هو وملائكته ثم أمر بها المؤمنين، وسائر العبادات ليس كذلك".
وكان ابن عباس - رضي الله عنهما - يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول: "اللهم تقبَّل شفاعة محمد الكبرى، وارفع درجته العليا، وآته سؤله في الآخرة والأولى، كما آتيت إبراهيم وموسى".
ومن فضل الله - تعالى - على عباده: أن صلاة أحدنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - تبلغه حيث كان، فيعلم أن فلانًا صلى عليه؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قَبْري عيدًا، وصلُّوا عليَّ؛ فإن صلاتكم تبلغُنِي حيث كنتم))؛ رواه أبو داود.
ويبلغه صلاتنا عليه ملائكة اختصوا بذلك؛ كما في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن لله ملائكةً في الأرض سَيَّاحِينَ يُبَلِّغوني من أمتي السلام))؛ رواه أحمد.
ولو أن الواحد منا إذا ذكر مَلِكًا أو أميرًا أو وزيرًا، فسلَّم عليه ودعا له وبلغته هذه الدعوة - لرأينا الناس تلهج ألسنتهم بذلك، لا يفترون عنه؛ لما يرجون من منافعهم، فكيف إذا كانت الصلاة والسلام يصلان إلى خير خلق الله - تعالى - وأنفعهم للناس، وأصدقهم معهم، وأنصحهم لهم، وتُرجى شفاعته في يوم هو أشد يوم يمرُّ على الإنسان منذ خلق؟! فلماذا نقصِّر في هذا الفضل العظيم؟!
إن من جفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسمع الإنسانُ ذكرَه في مسجد أو مجلس أو سوق أو إذاعة أو تلفزة، فلا يصلي عليه، فمن غَفَل حُرم، ومن تعمَّد أثم؛ قال أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: "ما من قوم يقعدون ثم يقومون ولا يصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا كان عليهم يوم القيامة حسرة، وإن دخلوا الجنة لما يرون من الثواب"، وروي في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: ((من نسيَ الصلاة عليَّ خَطِئَ طريقَ الجنة))؛ رواه ابن ماجة، وفسَّر العلماء النسيان هنا بالترك الدائم، وهو مثل قول الله - تعالى -: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67]، وفي حديث آخر: ((رَغِمَ أنفُ رجل ذُكِرْتُ عنده فلم يُصَلِّ عليَّ))؛ رواه الترمذي، وحسَّنه وصححه ابن حِبَّان، وفي حديث جابر - رضي الله عنه - أن جبريل - عليه السلام - قال: "شقي عبد ذُكِرتَ عنده ولم يصل عليك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((آمين))؛ رواه البخاري في "الأدب المفرد".
وكان أُبَي بن كعب - رضي الله تعالى عنه - يجعل شيئًا من دعائه صلاةً على النبي - صلى الله عليه وسلم - فشاوره في مقدار ذلك، فقال: "يا رسول الله، إني أُكْثِرُ الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شِئتَ، قال: قلت: الرُّبُع؟ قال: ما شِئْتَ، فإن زِدْتَ، فهو خير لك، قلت: النِّصْف؟ قال: ما شِئْتَ، فإن زِدْتَ، فهو خير لك، قال: قلت: فالثُّلُثَينِ؟ قال: ما شِئْتَ، فإن زِدْتَ، فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا؛ تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لك ذنبك"؛ رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وفي رواية لأحمد: "أرأيتَ إن جعلْتُ صلاتي كلها عليك، قال: إذًا يَكفيك الله - تبارك وتعالى - ما أهَمَّك من دنياك وآخرتك"، "وهذا غاية ما يدعو به الإنسان من جلب الخيرات ودفع المضرات؛ فإن الدعاء فيه تحصيل المطلوب، واندفاع المرهوب".
ولو دعا لبعض الناس، لقال الملك: ولك بمثل، لكن صلاته على النبي - صلى الله عليه وسلم - ينال بها عشر صلوات، فصارت أفضل بهذا الاعتبار، وكان فيها كفاية هموم الدنيا والآخرة، فمن يفرط في هذا الفضل العظيم إلا محروم!
ويوم الجمعة أفضل الأيام، وتتأكد فيه الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث أوس بن أوس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فيه خُلِقَ آدمُ، وفيه قُبِضَ، وفيه النَّفْخَةُ، وفيه الصَّعْقَةُ، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضَةٌ عليَّ))؛ رواه أبو داود.
اللهم صل على محمد وآل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
وأقول ما تسمعون وأستغفر الله.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله - تعالى – وأطيعوه؛ ï´؟ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ï´¾ [البقرة: 123].
أيها المسلمون:
حاجة الناس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة شديدة، فيشفع - صلى الله عليه وسلم - لجميعهم في فصل القضاء بينهم حين يطول بهم المقام، ويشتد الزحام، ويشفع لمن استحقوا الجنة في فتح أبوابها لهم، ويشفع فيمن دخلوا الجنة أن تُرفع درجاتهم فيها، ويشفع لعصاة استوجبوا النار بعصيانهم فيما دون الشرك فينجيهم الله - تعالى - من دخولها بشفاعته - صلى الله عليه وسلم - ويشفع في أناس موحدين دخلوا النار بذنوبهم حتى صاروا فحمًا فيُخرجون منها بشفاعته - صلى الله عليه وسلم - وأولى الناس بنيل شفاعته أكثرهم صلاةً عليه؛ لأن صلاتهم عليه دليل محبته.
جاء في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أولى الناس بِي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاةً))؛ رواه الترمذي، وحسَّنه وصححه ابن حبان، ثم قال عقبه: "في هذا الخبر دليل على أن أولى الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القيامة يكون أصحاب الحديث؛ إذ ليس من هذه الأمة قوم أكثر صلاةً عليه - صلى الله عليه وسلم - منهم".اهـ.
ولذلك؛ يذكر العلماء هذا الحديث وأمثاله في شرف أصحاب الحديث، قال سفيان الثوري - رحمه الله تعالى -: "لو لم يكن لصاحب الحديث فائدة إلا الصلاة على رسول الله، فإنه يصلي عليه ما دام في ذلك الكتاب - صلى الله عليه وسلم".
ومن فائدة كتابة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يُكتب من الكتب والرسائل والمقالات: أن كتابتها نوعٌ من الصدقة الجارية، فكل من قرأ الصلاة والسلام عليه فيها، كان لكاتبها أجر بذلك، يزداد بتقادم الزمان، وكثرة القُرَّاء، فما أعظمَ فضلَ الله تعالى!
قال الحسن بن محمد الزعفراني: "رأيت أحمد بن حنبل في النوم، فقال لي: يا أبا علي، لو رأيت صلاتنا على النبي في الكتب كيف تزهر بين أيدينا"، وقال عمر بن أبي سليمان الورَّاق: "رأيت أبي في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قلت: بماذا؟ قال: بكتابتي الصلاة على رسول الله في كل حديث"، وقد نقل الحُفَّاظ عن جماعة من أهل الحديث أنهم "رُؤوا بعد موتهم وأخبروا أن الله - تعالى - غفر لهم بكتابتهم الصلاة على النبي في كل حديث".
ومن شدة محبة المحدِّثين للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم لا يفوتون عبادة الصلاة والسلام عليه كلما ذُكر، ويثبتونها في كتبهم رغم كثرة تكرارها، وإذا خافوا فوات شيء من الحديث تركوا فراغًا للصلاة والسلام عليه يعودون لكتابتها بعد الدرس، قال ابن سنان: "سمعت عباسًا العنبري، وعلي بن المديني يقولان: "ما تركنا الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل حديث سمعناه، وربما عجلنا، فنبيِّض الكتاب في كل حديث حتى نرجع إليه".
فأين من هؤلاء العظماء من قلَّ أدبهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيلوك الواحد منهم لسانه بذكره، أو يخطه بقلمه في كتبه، فلا يصلي عليه، استنكافًا وكبرًا، وتقليدًا للمستشرقين، وتميزًا عن سائر المسلمين بالثقافة زعموا، وبعضهم يكتفي برمز الصاد أو "صلعم" عن ذلك، وهذا حرمان من الخير، وسوء أدب مع النبي - صلى الله عليه وسلم.
وشر من هؤلاء من أحدثوا صلوات على النبي - صلى الله عليه وسلم - مسجوعة سجع كُهَّان، يرتلونها ترتيل النصارى في كنائسهم، وفي بعضها شرك، كالاستغاثة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والتوسل به، ودعائه من دون الله -تعالى - وفي كثير منها معان فاسدة، ومدائح فيها غلو، ومحدثات ما أنزل الله - تعالى - بها من سلطان، ولا يحبها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يرضاها؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يحب الغلو كما لا يحب الجفاء، ودينه وسط بين الجافين والغالين، وأصحاب هذه المحدثات بعيدون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن سنته، وما أبعدهم إلا الجهل أو الهوى.
فاحذروا عباد الله، الجفاء والغلو، وكونوا وسطًا على الهدي النبوي؛ ï´؟ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَï´¾ [الأعراف: 157].
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
|
|
|
04-05-2022
|
#3
|
وجوب محبته
الحمد لله؛ هدانا صراطه المستقيم، ومنَّ علينا ببعثة سيِّد المرسلين؛ ï´؟ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ï´¾ [آل عمران: 164].أحمده عددَ ما خلق، وملْء ما خلق، وأشكره عدد ما أحْصى كتابه، وملْء ما أحصى كتابه، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، أنصح النَّاس للنَّاس، وأتقاهم لله؛ ï´؟ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ï´¾ [التوبة: 128]، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليْه، وعلى آله وأصحابه؛ آمنوا بالله ورسولِه وعزَّروه ونصروه واتَّبعوا النُّور الذي أنزل عليْه، أولئك هم المفلحون، الأنصار منهم والمهاجرون، والتَّابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمَّا بعد:
فأوصيكم - أيها النَّاس - ونفْسي بتقوى الله - عزَّ وجلَّ - فاتَّقوه حقَّ التَّقوى واستمْسِكوا بالعروة الوثقى، واعلموا أنَّكم إلى ربكم راجِعون، وعلى أقوالكم وأفعالِكم محاسبون، فحاسِبوا أنفسكم قبل الحساب، وزِنوا أعمالَكم قبل الميزان؛ ï´؟يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ï´¾ [الحاقة: 18].
أيُّها النَّاس:
اختار الله - تعالى - لهذه الأمَّة أفضلَ رسُله، واختار له من الأسماء ما يدلُّ على الحمد والثَّناء، فسمَّاه محمَّدًا، فهو - صلَّى الله عليه وسلَّم - محْمود عند الله تعالى، محمود عند ملائكته، محمود عند إخوانه المرْسلين - عليهم الصَّلاة والسلام - محْمود عند أهل الأرْض كلِّهم، وإن كفر به بعضهم؛ لأنَّ صفاتِه محْمودة عند كلِّ ذي عقْلٍ وإن كابر وجحد، فصدق عليْه وصفه نفسه حين قال - عليْه الصَّلاة والسَّلام -: ((أنا سيِّد ولدِ آدمَ يومَ القيامة ولا فخر، وأوَّل من تنشقُّ عنْه الأرض، وأوَّل شافع، بيدي لواء الحمد، تحته آدم فمَن دونه))؛ رواه ابن حبَّان.
أغاث الله - تعالى - به البشريَّة المتخبِّطة في ظلُمات الشِّرْك والجهل والخرافة، فكشف به الظُّلمة، وأذْهب الغمَّة، وأصلح الأمَّة، فهو الإمام المطْلق في الهدى لأوَّل بني آدم وآخرهم.
هدى الله تعالى به من الضلالة، وعلَّم به من الجهالة، وأرشد به من الغَواية، وفتح به أعيُنًا عمْيًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غلفًا، وكثَّر به بعد القلَّة، وأعزَّ به بعد الذلَّة، وأغنى به بعد العيلة.
عرّف الناسَ ربَّهم ومعبودَهم غايةَ ما يمكن أن تناله قُواهم من المعرفة، ولم يدَع لأمَّته حاجة في هذا التَّعريف، لا إلى من قبله، ولا إلى مَن بعده، بل كفاهم وشفاهم، وأغناهم عن كلِّ مَن تكلَّم في هذا الباب؛ ï´؟ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ï´¾ [العنكبوت: 51]، وعرَّفهم الطَّريق الموصِّلة إلى ربِّهم ورضوانه، ودار كرامته، ولم يدَع - صلَّى الله عليه وسلَّم - حسنًا إلاَّ أمر به، ولا قبيحًا إلاَّ نَهى عنْه.
وعرَّفهم حالهم بعد القدوم على ربِّهم أتمَّ تعريف، فكشف الأمر وأوضحه، ولم يدَعْ بابًا من العِلم النَّافع للعباد، المقرِّب لهم إلى ربِّهم إلاَّ فتحه، ولا مشكِلاً إلاَّ بيَّنه وشرحه، حتَّى هدى به القلوبَ من ضلالها، وشفاها به من أسْقامها، وأغاثها به من جهْلِها، فأيّ بشرٍ أحقّ بأن يُحب؟! جزاه الله عنَّا وعن أمَّته أجْمعين أفضل الجزاء.
محبَّته - عليه الصَّلاة والسَّلام - واجبةٌ على كلِّ مسلم؛ إذْ هي من محبَّة الله تعالى، وكذَب مَن زعَمَ أنَّه يُحب الله - تعالى - وهو لا يحبُّ خليلَه وصفيَّه من العالمين، محمَّدًا - عليْه الصَّلاة والسَّلام.
إنَّ محبَّة الله ورسولِه من أعظم واجبات الإيمان، وأكبر أُصوله، وأجلّ قواعده، بل هي أصْل كلِّ عملٍ من أعمال الإيمان والدين، كما أنَّ التَّصديق أصلُ كلِّ قول من أقْوال الإيمان والدِّين.
دلَّ على ذلك نصوص الكتاب والسنَّة، وأطبقت عليه الأمَّة؛ ï´؟ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ ï´¾ [التوبة: 24]، فالآية نصٌّ على أنَّ محبَّة الله - تعالى - ومحبَّة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَجب أن تقدَّم على كلِّ محبوب مهما كان.
قال القاضي عياض - رحِمه الله تعالى -: "كفى بِهذا حضًّا وتَنبيهًا، ودلالة وحجَّة على إلزام محبَّته، ووجوب فرضِها وعِظَم خطرِها، واستِحقاقه لها - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذ قرَّع الله مَن كان مالُه وأهله وولده أحبَّ إليْه من الله ورسوله، وتوعَّدهم بقوله تعالى: ï´؟ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِï´¾، ثمَّ فسَّقهم بتمام الآية، وأعلَمَهم أنَّهم ممَّن ضلَّ ولَم يهده الله تعالى".
وهذه المحبَّة العظيمة للنَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لازمُها أن يكون النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أوْلى بالمؤْمِن من أيِّ أحدٍ من النَّاس مهْما كان قربه منه ومحبَّته له، بل هو - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أوْلى بالمؤمن من نفسِه التي يحبُّها أعظم المحبَّة، ويقدِّمُها على كل شيء.
روى الشَّيخان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ما من مُؤْمِنٍ إلاَّ وأنا أَوْلَى النَّاس بِهِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اقرؤوا إن شِئْتُمْ: ï´؟ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ï´¾))، وروى مسلم من حديث جابر - رضِي الله عنْه - عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أنَّه قال: ((أنا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ من نَفْسِهِ)).
إنَّ المحبَّة الكاملة للنَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - الَّتي ينجو بها العبدُ من العذاب، ويستحقُّ عليها النَّعيم - يجب أن تتجاوز محبَّة المؤمن لنفسه، وتتخطَّى محبَّته لوالديْه وأهلِه وأولاده وأمواله.
ففي شأن تقْديم محبَّته - صلَّى الله عليْه وسلَّم - على محبَّة الأمِّ والأب، والزَّوجة والولد، وكلّ محبوب سوى الله تعالى - ورد الخبرُ عن أنسٍ - رضِي الله عنْه - قال: قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِه))؛ متَّفق عليْه.
وفي شأن تقْديم محبَّته على محبَّة النَّفس، روى البُخاري من حديث عبدالله بن هشام - رضِي الله عنْه - قال: كنَّا مع النبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وهُو آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بن الخَطَّابِ، فقال له عُمَرُ: يا رَسُولَ اللَّه، لأَنْتَ أَحَبُّ إليَّ من كل شَيْءٍ إلاَّ من نَفْسِي، فقال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((لا وَالَّذِي نَفْسِي بيده، حتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ من نَفْسِكَ))، فقال له عُمَرُ: فإنَّه الآنَ والله لأَنْتَ أَحَبُّ إليَّ من نَفْسِي، فقال النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الآنَ يا عُمَرُ))؛ أي: الآن عرفت فنطقت بما يجب.
وإذا حقَّق المؤمن هذه المحبَّة للرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - واستولتْ محبَّته على قلبِه فقدَّمه على كلِّ محبوب، قطف ثمرة ذلك بحلاوة يجدُها في قلبه، وأنس كبير يَجتاح نفسه، لا يناله بِجاه، ولا يشتريه بمال، ولا يتحصَّل عليه العبد إلاَّ باستيلاء محبَّة الله ورسوله على قلبه؛ كما قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((ثَلاثٌ من كُنَّ فيه وَجَدَ حَلاوَةَ الإيمَانِ: أنْ يَكُونَ الله وَرَسُولُه أَحَبَّ إليه مِمَّا سِوَاهُمَا، وأنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلاَّ لله، وأنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ))؛ رواه الشيخان.
وبهذه المحبَّة الخالصة للرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ينال العبد شفاعتَه، ويُحشر في زمرته، ويُرافقه في الجنَّة؛ كما روى أنس - رضِي الله عنه - فقال: جاء رَجُلٌ إلى رسول اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رَسُولَ اللَّه، مَتَى السَّاعَةُ؟ قال: ((وما أعْدَدْتَ لِلسَّاعةِ؟)) قال: حُبَّ اللَّهِ ورَسُولِه، قال: ((فإنَّكَ مع من أحْبَبْتَ))، قال أنَسٌ: فما فَرِحْنا بَعْدَ الإسْلامِ فَرَحًا أشَدَّ من قَوْلِ النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ((فإنَّكَ مع من أحْبَبْتَ))، قال أنَسٌ: فأنا أُحِبُّ اللَّهَ ورَسُولَهُ وأبا بَكْرٍ وعُمَرَ، فأرْجُو أنْ أكُونَ مَعَهُمْ وإنْ لم أعْمَلْ بِأعْمَالِهِم؛ رواه البُخاري ومسلم.
ولا يظنَّن ظانٌّ أنَّ هذه المحبَّة لا يحقِّقُها إلاَّ الصَّحابة - رضِي الله عنْهم - أو أهل القرون المفضَّلة، فييْئس من تحْقيقها، ويقصِّر في تحصيلها؛ فإنَّها وإن كانت في أهل الصَّدر الأوَّل من الإسلام أكثر منها في غيرِهم، إلاَّ أنَّ أفرادًا من متأخِّري هذه الأمَّة يحقِّقونَها، ويقدِّمون محبَّة الله تعالى ومحبَّة رسولِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - على كلِّ محبَّة، وودُّوا لو فدَوا النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأرواحهم، ويتمنَّون رؤيته بأهلِهم وأموالِهم؛ كما روى مسلم من حديث أبي هريرة - رضِي الله عنْه - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مِن أشَدِّ أُمَّتِي لي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أحَدُهُمْ لو رَآنِي بِأهْلِه ومَالِه)).
فنسأل الله - تعالى - أن يجعلنا منهم، وأن يَملأ قلوبَنا محبَّة لله تعالى، ولرسولِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولِما يحبه الله ورسولُه، آمين يا ربَّ العالمين.
وأقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله حمدًا طيِّبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرْضى، أحمده وأشكُره، وأتوبُ إليْه وأستغْفِره، وأشهد أن لا إلهَ إلاَّ الله وحْده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابِه، ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أمَّا بعد:
فاتَّقوا الله - عباد الله – وأطيعوه؛ ï´؟ وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ï´¾ [البقرة: 281].
أيُّها المسلمون:
محبَّة النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قربةٌ وعبادة يتقرَّب بها المؤمن لله تعالى، والعبادة التي أرادها الله تعالى ويحبُّها ويرضاها من العبد هِي ما ابتُغِي به وجْهه - عزَّ وجلَّ - وكانت على الصِّفة التي شرعها في كتابِه العظيم، وعلى لسان نبيِّه الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - فعِمادها الإخلاص لله تعالى، ومُتابعة رسولِه - صلَّى الله عليْه وسلَّم.
فأمَّا الإخلاص في الأعمال، وابتِغاء وجه الله بها، فهو مقتضى شهادة أن لا إلهَ إلاَّ الله؛ لأنَّ معناها: لا معْبود بحقٍّ إلاَّ الله - سبحانه وتعالى.
وأمَّا متابعة النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهِي مقتضى الشهادة بأنَّ محمَّدًا رسول الله، ولازم من لوازمها؛ إذ معنى الشهادة له بأنَّه رسولُ الله حقًّا: طاعتُه فيما أمر، وتصْديقه فيما أخبر، واجتِناب ما عنْه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله تعالى إلاَّ بِما شرع - صلَّى الله عليه وسلَّم.
فمن حقَّق ذلك فقد حقَّق كمال المحبَّة للنَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكمال تعظيمِه، وغاية توْقيره.
وأيّ تعظيم أو توْقير للنَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لدى مَن شكَّ في خبره، أو استنْكَفَ عن طاعته، أو ارتكب مُخالفتَه، أو ابتدع في دينه وعبدَ الله تعالى من غير طريقه؟!
وكثيرٌ ممَّن ضلُّوا في هذا الباب يعبدون الله تعالى بمحْض أهوائهم، ويعبِّرون عن حبِّهم للنَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بما لا يحبُّه الله ورسوله من الأقوال والأفعال، ومن ذلك: ما يفعلُه كثيرٌ من المسلمين في هذا الزَّمن من الاحتِفال بالمناسبات النبويَّة: المولد والإسراء والهجرة ونحوها، وجعْل الأيَّام الموافقة لها من كلِّ عامٍ موسِمًا وعيدًا يَجتمعون فيه لتذاكُر أحْوال النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وتلاوة سيرته، وإلقاء القصائد في مديحه، وإطرائه على نحوٍ يُخالف سنَّته الَّتي جاء فيها قوله - عليْه الصَّلاة والسَّلام -: ((لا تُطْرُونِي كما أطْرَت النَّصَارَى ابن مَرْيَمَ؛ فإنَّما أنا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عبد الله ورَسُولُه))؛ رواه البخاري.
وقد أمرنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - بلزوم سنَّته، واتِّخاذ طريقتِه وطريقة خلفائه الرَّاشدين المهديِّين من بعده، وأوصانا بذلك؛ فقال - عليه الصَّلاة والسَّلام -: ((فعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ المَهْدِيِّينَ الرَّاشِدينَ، تَمَسَّكُوا بها وعَضُّوا عليها بِالنَّوَاجِذِ، وإيَّاكُمْ ومُحْدَثَاتِ الأمُورِ؛ فإنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ))؛ رواه أبو داود.
ولا يشكُّ كلُّ مطَّلع على سنَّة النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قارئٍ لسيرتِه، وسيرة خلفائه الرَّاشدين من بعده، لا يشكُّ أنَّ هذه الاحتِفالات بمولده أو إسرائه أو هجْرته - عليْه الصَّلاة والسَّلام - محدثة بعد زمنِه وزمن خلفائه من بعده - رضِي الله عنْهم - وفيها من المخالفة لسنَّته وسيرته ما فيها، وإن رأى أصحابُها خلافَ ذلك؛ جهْلاً منهم أو هوى، ولو كان منهم مَن يُحبُّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حقيقةً فإنَّهم قد أخطؤوا الطَّريق في تعْبيرهم عن هذه المحبَّة، والصَّواب في ذلك اتِّباع سنَّته - صلَّى الله عليه وسلَّم - واجتِناب ما أحدثه النَّاس عن جهل أوهوى؛ ï´؟قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الكَافِرِينَï´¾ [آل عمران: 31، 32]، ï´؟ مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ï´¾ [النساء: 80]، ï´؟ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ ï´¾ [الحشر: 7].
وصلُّوا وسلِّموا على نبيِّكم كما أمركم ربُّكم بذلك...
|
|
|
04-05-2022
|
#4
|
جَزآكـ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ
بآرَكـَ الله فيكـ وَفِي مِيزآنَ حَسنَآتكـ ...
آسْآل الله آنْ يَزّينَ حَيآتُكـ بـِ آلفِعْلَ آلرَشيدْ
وَجَعَلَ آلفرْدَوسَ مَقرّكـ بَعْدَ عمرٌ مَديدْ ...
دمْتَ بـِ طآعَة لله ..
|
|
|
04-05-2022
|
#5
|
جزاك الله كل الخير
و جعل ما قدمتوه بموازين الحسنات
|
|
|
05-05-2022
|
#6
|
موضوع في قمة الروعــــــــة
جزاك الله خيرا
و نفعك و نفع بك جميع المسلمين
|
|
|
10-05-2022
|
#7
|
17-05-2022
|
#8
|
شكراً لروعة حضوركم ايها الرائعون
|
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 12:34 PM
| | | | | | | |