لكل دولة عادات في شهر رمضان المبارك تميّزها عن غيرها من الدول، هذه العادات تمثل ثقافة وحضارة هذا المجتمع أو ذاك، وفي المجتمع الفلسطيني تتشابه كثير من العادات
لكل دولة عادات في شهر رمضان المبارك تميّزها عن غيرها من الدول، هذه العادات تمثل ثقافة وحضارة هذا المجتمع أو ذاك، وفي المجتمع الفلسطيني تتشابه كثير من العادات مع عادات الشعوب العربية، النابعة من الدين. ففي رمضان يزداد الكرم والجود وتزداد العلاقات الاجتماعية تحسناً.
فالناس قبل رمضان بيومين أو ثلاثة يحضرون جرار فخار و"قللاً" للماء، بالإضافة إلى بعض الحاجيات ويصنعون الجبنة والشعيرية على أيديهم، كما كان يقدم الأهالي للفقراء قبل حلول شهر رمضان ما يحتاجون إليه من طحين وعدس وفول.
وشهر رمضان كله خير وبركة ففيه تزداد أواصر العلاقات الاجتماعية والأسرية بين الأسرة الواحدة وبين العشيرة، وتبرز صور التكافل الاجتماعي بما يحقق المتعة، ونلمس تفرّد هذا الشهر بخصوصية عن باقي الشهور العام سواء في السلوك أو في العلاقات أو الإفطار والسحور بفعل انتهاج آداب رمضان.
ولهذا الشهر الكريم في فلسطين مذاق خاص ليس له مثيل ربما في العديد من بقاع الأرض؛ فرغم المعاناة والجراح تجد الناس في تواصل وتواد وتراحم، وتمتد الأيدي الرحيمة لتمسح دموع الأيتام وترعى أسر الشهداء والأسرى، وتقوم جماعات من الناس بعيادة المرضى في المشافي وتقديم هدايا رمزية، وتزداد صلة الأرحام، كما تنتشر الولائم والإفطارات الجماعية في المساجد.
وأجمل شيء في رمضان هو امتلاء المساجد بعمّارها من الأشبال والشباب والشيوخ، حتى النساء يحضرن لصلاة التراويح، كما أن ما يثلج الصدر هو الإنابة إلى الله حيث تتجدّد لدى الناس روح الجماعة والانتماء وتلهج ألسنة الجميع بذكر الله والاستغفار والدعاء.
وعند الإفطار تجتمع الأسرة على مائدة الإفطار في جو نفسي ممتع للغاية ويتلذذ الصائمون بالطعام الطيب من الأكلات الفلسطينية المشهورة مثل المناسف (الرز مع اللحم المطبوخ) وكافة أصناف الطعام الأخرى.
ولا بد من الاشارة الى صمود هذا الشعب برغم الاحتلال، فشهر رمضان في فلسطين يبدأ من مدينة القدس، حيث المسجد الأقصى الذي أصبح الوصول إليه بالنسبة للقادمين من خارج المدينة ضرباً من المستحيل، فالحواجز العسكرية وانتشار الجنود الاسرائيليين على الطرقات وإغلاق مداخل المدينة أمام زوارها المسلمين، كل ذلك، جعل المدينة المقدسة معزولة عن العالم.
وبرغم هذه الأجواء فإن المواطنين لم يعرفوا لليأس طريقاً، إذ انتشر باعة الحلويات المشهورة وعلى رأسها القطايف على مداخل البلدة القديمة، فيما تفنّن باعة الخضار والفواكه في عرض بضاعتهم مما تشتهي الأنفس. ولا تزال أطعمة الحمص والفلافل تتربع على عرش المأكولات الشعبية، وتوضع على كل مائدة، شأنها شأن مقبلات الطعام الأخرى.
وبرغم الظروف الصعبة التي فرضها واقع وجود الاحتلال، فإن أهل القدس حريصون على العادات الرمضانية المحببة ومنها إعمار المسجد الأقصى، والحرص على أداء جميع الصلوات فيه وخصوصاً صلاة التراويح والجمعة وليلة القدر.
ويشهد سوق القطانين المجاور للمسجد الأقصى أمسيات رمضانية يومية بعد انتهاء صلاة التراويح تتألق فيها فرق الإنشاد الديني في إمتاع الحاضرين بالأناشيد الدينية والمدائح النبوية، إضافة إلى الخطب والحلقات الدراسية والدينية والفقهية لعلماء المسلمين.
وفي شارع عمر المختار، الأشهر في غزة، تتراوح اللافتات على المحال التجارية معلنة عن توفر سلع رمضانية خاصة لديها، من الحلويات الفلسطينية، إلى قمر الدين والتمر والقطايف واللحوم الطازجة والأجبان، فيما تصطف على الجدران بوسترات تحمل تهاني الحركات والفصائل الفلسطينية بحلول الشهر الكريم.
ومن الأكلات المشهورة في فلسطين في رمضان: المفتول، المقلوبة، الملوخية، والحلويات مثل: القطائف، الكنافة، العوامة، وغيرها من المأكولات الأخرى.