-==(( الأفضل خلال اليوم ))==-
أفضل مشارك : أفضل كاتب :
بيانات ناطق العبيدي
اللقب
المشاركات 15377
النقاط 3832
بيانات اسير الاحزان
اللقب
المشاركات 101115
النقاط 179614

 ننتظر تسجيلك هـنـا

{ إعلانات منتديات غيمة عطر) ~
 
 
 
{ دعم فني للمنتديات   )
   
{ مركز رفع الصوروالملفات   )
   
{ فَعِاليَآت غيمة عطر ) ~
                             


العودة   منتديات غيمة عطر > عطرالمنتديات الاسلاميه > عطر القرآن الكريم

الإهداءات

الواضح في التفسير [الحلقة التاسعة]

سورة البقرة ﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 14-12-2019
اسير الاحزان متواجد حالياً
Egypt     Male
Awards Showcase
 
 عضويتي » 1
 جيت فيذا » Mar 2017
 آخر حضور » منذ 7 دقيقة (06:28 PM)
آبدآعاتي » 101,115
 حاليآ في » fanta
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Egypt
جنسي  »
 التقييم » اسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond reputeاسير الاحزان has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 3999
мч ммѕ ~
MMS ~
ام ام اس ~
MMS ~
 آوسِمتي »
 
T45 الواضح في التفسير [الحلقة التاسعة]

Facebook Twitter


سورة البقرة [الآيات 253 - 268]


﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾ [البقرة: 253].
253- لقدْ فضَّلنا رُسُلاً على رُسُلٍ آخَرين، فقدْ كلَّم اللهُ بَعضاً منهم، كموسَى عليهِ السلام، ورفعَ بعضَهم درجاتٍ أعلى منْ درجاتِ آخَرين، كمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، الذي فضَّلَهُ اللهُ على العالَمين، فهو رسولُ اللهِ إلى الناسِ كافَّة، ونَسَختْ رسالةُ الإسلامِ التي جاءَ بها سائرَ الرسالاتِ السابِقة. وآتَينا نبيَّ اللهِ عيسى بنَ مريمَ عليهِ السلامُ دلائلَ ومُعجِزاتٍ قويَّة، كإحياءِ الموتى بإذنِ الله، وغيرِها، تُثبتُ صحَّة نبوَّتهِ وما جاءَ بهِ لبني إسرائيل، وأيَّدناهُ بجبريلَ عليه السلام، يُثَبِّته ويُقَوِّيه.

وقدْ تقاتلَ أتباعُ الرسلِ مِنْ بعدُ نتيجةَ اختلافِهم، على الرَّغمِ مِنْ كونِ أنبيائهمْ جميعاً دعاةً إلى عِبادةِ اللهِ الواحدِ الأحَد، وعلى الرغمِ مِنْ وضوحِ الآياتِ البيِّناتِ والحُججِ السَّاطعاتِ لدَى الفريقِ المؤمن، فكانَ منهمْ مَنْ كفَر، ومنهمْ مَنْ آمَن، ولو أرادَ اللهُ لَمَا تَقاتلوا، ولكنْ هذهِ إرادَتُهُ ومَشيئتَه، ليدفعَ الكفرَ بالإيمان، وليثبِّتَ العقيدةَ الصحيحةَ في الأرض، لتنتَشِرَ ويَعرِفَها الناس.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 254].
254- أيُّها المؤمنون، إنَّ الدُّنيا فرصةٌ للعَملِ الصَّالح، فأنفِقوا ممّا تفضَّل اللهُ بهِ عليكمْ مِنْ رِزق، قبلَ أنْ تُغلَقَ صفحةُ الدُّنيا فلا يُقبَلُ منْ أحدٍ عَمَل، وإنَّ أمامَكمْ يومَ القيامَة، الذي لا يوجدُ فيهِ بَيعٌ ولا شِراءٌ حتَّى تُجَرِّبوا رِبحاً، فلا مالَ يَبذلهُ المرءُ ليَفديَ بهِ نفسَه، ولا تَنفعُ صداقةُ أحدٍ ولا قَرابتُهُ لمسامحتِكم، ولا وَساطاتٌ جاريةٌ لتَشفَعَ لكمْ وتَعفوَ عنكم، بلِ الأمرُ كلُّه يَومَئذٍ لله.

والكافِرونَ همْ أكثرُ الناسِ خَسارةً في ذلكَ اليوم، فقدْ أنكروا الحقّ، وظلموا أنفسَهمْ بعدمِ اتِّباعه، وظلَموا غيرَهمْ عندما صَدُّوهمْ عنِ الهُدَى، وحَرَموهمْ منْ خيرٍ كثير، فبَاؤوا بإثمِهمْ وآثامِ الآخَرين.

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]
255- هوَ اللهُ الواحِدُ الأحَد، الذي لا يُعْبَدُ بحقٍّ إلاّ هو، الحيُّ الدائمُ الباقي الذي لا يَعتريهِ الموتُ ولا سبيلَ للفَناءِ إليه، فهوَ ذو حياةٍ أزليَّةٍ لا بِدايةَ لها، وأبديَّةٍ لا نهايةَ لها، وهوَ الموجودُ القائمُ بتَدبيرِ كلِّ شَيءٍ وحفظِه، لا يَطرأ عليه فُتورٌ ولا يَغْلِبُ عليهِ وسَنٌ ولا نُعاس، فضلاً عنِ النومِ المُستَغرِق، فهوَ مُنَزَّهٌ سُبحانَهُ عنْ هذا وذاك، لا يَغْفُلُ عنْ شَيءٍ لحظَة.

كلُّ ما في السَّماواتِ والأرضِ مُلكٌ لهُ وتحتَ سيطرتهِ وإرادتِه.

ولا يَتجاسَرُ أحدٌ على طَلبِ الشفاعةِ منهُ إلاّ بإذنه، فالكلُّ لهُ عبيد،خاضِعونَ لمشيئتِه، يَطلبونَ منهُ الإذن، ويَشفعونَ في حُدودِ المأذونِ لهمْ به، ولهُ المُلْكُ والعظَمةُ والجَلال.

وعِلْمُهُ مُطلَقٌ شامِلٌ كامِلٌ، مُحيطٌ بجَميعِ الكائنات، ماضِيها وحاضرِها ومَستَقبلِها، وما تُسِرُّهُ وما تُظهِرُه، ولا يَعرِفونَ شَيئاً مِنْ علمهِ إلاّ إذا أطلعَهم عليه، ممّا يناسبُ حالَهمْ وحاجتَهم، ممّا سخَّرَ لهمْ في الأرضِ وفي السماءِ ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ [فُصِّلَت: 53].
وقد وَسِعَ كرسيُّهُ السَّماواتِ والأرض.

ولا يُتْعِبُهُ حِفْظُ ما فيهما ولا يُثْقِلُهُ شيءٌ مِنْ ذلك، ولا ما بينَهما، بلْ هوَ سهلٌ عليهِ يَسير، فهوَ الرقِيبُ على جميعِ الكائنات، لا يَغيبُ عنهُ شيءٌ مِنْ حركاتِها، والأشياءُ كلُّها صَغيرةٌ ومَتواضِعَةٌ بالنسبةِ إلى قُدرتهِ وعظَمَتِه، وهيَ جميعاً مُحتاجَةٌ إلى حِفظهِ وتَدبيرِه.

وهوَ المُتَفرِّدُ بالعلوِّ والعظَمة، والجلالِ والجبَروت، الرفيعُ فوقَ خَلْقِه، المُتعالي عنِ الأشياءِ والأمثال، الكبيرُ الذي لا شيءَ أعظمُ منه.

ومهما عَلا إنسانٌ فلا يتجاوزُ مقامَ العبوديةِ للهِ العَظيم!
وهذهِ آيةُ الكرسيِّ، شأنُها عَظيم، وردَ في أحاديثَ صحيحةٍ أنَّها أعظمُ آيةٍ في القُرآنِ الكريم. كما صحَّ قولهُ صلى الله عليهِ وسلَّم: "مَنْ قرأ آيةَ الكرْسي ِّ دُبُرَ كلِّ صَلاةٍ مَكتوبة، لم يَمْنَعْهُ مِنْ دُخولِ الجنَّةِ إلاّ أنْ يَموت".

﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 256]
256- لا يُجْبَرُ أحدٌ على الدخُولِ في الإسْلام، ولا لزومَ لهذا الإكراهِ ولا فائدةَ منه، فإنَّ الإسلامَ نَهجٌ واضحٌ بيِّنٌ يُخاطِبُ عقلَ الإنسانِ وقُوَاهُ وطاقاتهِ كلَّها، وهوَ دينُ الفطرةِ والبَداهةِ والإقناع، وليسَ دينَ الغُموضِ والقَهْرِ والإكراهِ، ولا يُفيدُ الإسلامَ وأهلَهُ رجلٌ أبدى اعتناقَهُ للإسلامِ وهوَ غيرُ مقتنعٍ به، بلْ هذهِ صفةُ المنافقينَ الذينَ ذمَّهمُ اللهُ تعالى في كتابهِ ورفضَ قَبولَ إسلامِهم، وهمْ بهذا يكونونَ عالةً على المجتمعِ الإسلامي، ومَرَضاً يَسري في جسمِه.

وفي كلِّ الأحوالِ لا يُقْبَلُ من المرءِ إلاّ إيمانٌ عنْ طَواعية، كما لا يُقْبَلُ منهُ عَمَلٌ إلا عنْ رضىً واقتِناع.

وقدْ وضَحَ الفرقُ بين الإيمانِ والكُفر، بينَ طَريقِ الحقِّ وطَريقِ الضَّلال، وأودعَ اللهُ في الإنسانِ ما يُدرِكُ بهِ ذلك، فمَنْ تجنَّبَ الأصْنام، وتركَ ما يدعو إليهِ الشيطانُ مِنْ عبادةِ غيرِ الله، ولم يَتجاوزِ الحدودَ التي حدَّها اللهُ للعباد، وآمنَ باللهِ وحدَه، واستمَدَّ مِنْ كتابهِ طريقَ العِبادةِ والعَمل، فقدْ تمسَّكَ منَ الدِّينِ بأقوَى سبَب، وقبضَ على عُقْدَةٍ قويَّةٍ متمكِّنةٍ لا تَنفَصِم، وحَبلٍ مَتينٍ لا يَنقطِع، وثبتَ على الطريقِ الصحيح، واستقامَ على النهجِ المُبين.

واللهُ يَسمعُ ما تَلهَجُ بهِ الألسِنة، عليمٌ بما تُكِنُّهُ القلوبُ مِنْ نيّاتٍ وعَقائد.

﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 257]
257- إنَّ اللهَ يؤيِّدُ عبادَهُ المؤمنينَ فيقوِّي عزائمَهمْ ويَهديهِمْ إلى الحقّ، ويُخرِجُهمْ منْ ظُلماتِ الكُفرِ والشكِّ إلى نورِ الحقِّ المُبين، وإلى ضيائهِ وإشعاعهِ الصافي، الذي يَملأ القلبَ اطمئناناً ويَزيدُهُ ثَباتاً.

أمّا الكافرونَ الذينَ رَكنوا إلى الطاغوتِ ورَضُوا بالضَّلال، فإنَّ الشيطانَ يُزيِّنُ لهمْ ما همْ فيهِ منَ الغَيِّ والضَّلالِ حتَّى يَثْبُتوا عليه، بلْ يَزيدُهمْ غِوايةً واعوِجاجاً، وظَلاماً وهَوًى، وشُروداً وتِيهاً، وشَكًّا وقلَقاً.

وهؤلاءِ مَصيرُهمُ النار، فهوَ اللائقُ بأصحابِ الظُّلمات، الذين آثَروها على النورِ والحقِّ المُبين، ولا يَستوي الحقُّ والباطِل، كما لا يَستوي أهلُهما، ولا يَستوي كذلكَ مصيرُهما.

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 258]
258- انظرْ إلى هذا المَلِكِ المتكبِّرِ المتعنِّت، الذي أعطاهُ اللهُ منَ المالِ ما أعْطاه، ثمَّ جاءَ يُجادلُ النبيَّ إبراهيمَ عليهِ السلامُ ويُخاصِمهُ في ربِّه، وذلكَ لمّا رأى نفسَهُ مختصّاً بمالٍ ومُلكٍ ليسَ عندَ غَيرِه، ويأمرُ وينهَى كما يَشاءُ فيُسمَعُ ويُطاع، فقالَ لهُ إبراهيمُ عليهِ السلام، لِيُريَهُ حَقيقَةَ نفسهِ وضَعْفَ قوَّتهِ وإرادتهِ أمامَ ربِّهِ الخالق: إنَّ اللهَ يُحْيي ويُمِيتُ، وإنَّ ما يُرَى مِنْ ذلكَ في عالمِ الإنسانِ والحيوانِ دليلٌ على وجودِه، وعلى تَصريفهِ للكونِ وتَدبيرِهِ لما يَجري فيهِ وحدَه، فهي لا تَحْدُثُ بنفسِها، بلْ لا بدَّ لها مِنْ مُوجدٍ ومِنْ مدبِّر، وهوَ الذي يَسْلُبُ حياةَ مَنْ شاءَ متَى شاء، بأسبابٍ ظاهرةٍ أو باطِنة، مَعروفةٍ أو غيرِ مَعروفة.

فالإحياءُ والإماتةُ مِنْ صفاتِ هذا الإلهِ الذي لا يَكونُ أحدٌ مثلَه، ولا يَستطيعُ أحدٌ أنْ يَقومَ بما يقومُ هوَ به، وهوَ الذي أعبدهُ وأدعوكَ وأدعو الناسَ إلى الاستسلامِ لهُ وعبادتِه، فهوَ الخالق، والمُحيي والمُميت، الذي بيدهِ كلُّ شَيءٍ في هذا الكون، فلا إلهَ إلا هو، ولا عبادةَ إلاّ له.

واغترَّ هذا المَلِكُ المتكبِّرُ بما يَملِكُ مِنْ قُوىً بشَريَّةٍ وسَيطرة، فتمادَى في غَيِّهِ وقالَ لإبراهيم: أنا أيضاً أُحيي وأميت!

ذكرَ غيرُ واحدٍ أنَّهُ أوتيَ برَجُلَينِ استحقّا القَتل، فأمرَ بقَتلِ أحدِهما وعفَا عنِ الآخَر، فذكرَ أنَّهُ أماتَ الأوَّلَ وأحيَا الآخَر، فكانَ هذا مفهومَ الإحياءِ والإماتةِ عندَه!

ولم يُرِدْ إبراهيمُ عليهِ السَّلامُ أنْ يُطيلَ معَهُ الجِدالَ وهوَ بهذهِ العقليَّةِ المتكبِّرةِ المُنكَرة، فأرادَ أنْ يُفهِمَهُ أنَّ الإلهَ المقصودَ بعبادتهِ هوَ المتصرِّفُ في الكونِ كلِّه، وأنَّ هذهِ القوانينَ الكونيَّةَ الموجودةَ هي منْ صُنعهِ وتَدبيرِه، وطلبَ منهُ تغييرَ قانونٍ واحدٍ منْ هذهِ القوانينِ الكثيرةِ المبثوثةِ في الكون، بما أنَّهُ يدَّعي أنَّهُ هوَ الآخَرُ فيه صفةُ الربوبية، وقالَ له: إنَّ اللهَ جعلَ الشمسَ تُشرقُ منَ الشرق، فَأْمُرْها أنتَ لتُشْرِقَ منَ الغرب!

فتحيَّرَ ذلكَ المَلِكُ وسكت، وعَجَزَ عنِ الكلام، وصُدِمَ بهذهِ الحُجَّةِ الدامغةِ التي لم تَدَعْ لهُ منطقاً يُدافعُ بهِ عنْ نفسِه. لكنَّهُ لم يُسَلِّمْ بالأمرِ ولم يؤمن، لأنَّهُ لم يرغبْ في الحقّ، ولم يَتلمَّسْ طريقَ الهِداية. واللهُ لا يَهدي هؤلاءِ الذينَ يَظلِمونَ أنفسَهم، فيَختارونَ طريقَ الضلالِ والعِناد، على الرَّغمِ منْ وضوحِ الحُجَّةِ ضدَّهم.

﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 259]
259- وانظرْ إلى هذا الذي مرَّ على قريةٍ خَرِبةٍ مُحَطَّمةٍ على قواعدِها، قدْ سقطتْ سقوفُها وجُدرانُها، ليسَ فيها أحد، ولا يَنطِقُ فيها شَيء. فوقفَ الرجلُ أمامَ هذا المشهدِ المحطَّمِ الميِّتِ البالي، وقال: كيفَ يُحيي اللهُ هذهِ القَريةَ بعدَ أنْ ماتَ فيها كلُّ شيء، فلا حِسَّ ولا حرَكة؟!

فأماتَهُ اللهُ مائةَ عام، ثمَّ أحياهُ بقُدرتِه، وقيلَ له: كمْ بَقيت؟
قال: بقيتُ يوماً أو أقلَّ! قيلَ له: بلْ بقيتَ مائةَ عامٍ مَيتاً! فانظرْ إلى قُدرتِنا على إماتَتِكَ وعلى إحيائك، وانظرْ إلى طعامِكَ وشرابِكَ كيفَ حَفِظْناه، فلمْ يَتعفَّنْ ولم يَتغيَّرْ طَعمُهُ كلَّ هذهِ المدَّةِ الطويلة، بلْ هوَ كما تركتَهُ قبلَ أنْ نُميتَك.

وهذا حمارُكَ الذي كنتَ راكباً عليه، انظرْ كيفَ نَخِرَتْ عظامهُ وتمزَّقتْ أوصالُه!
ولنَجعَلَكَ عِبرةً ودلالةً على البَعثِ بعدَ الموت.
وانظرْ إلى هذهِ العِظامِ المتفرِّقةِ لحمارِكَ كيفَ نرفعُ بعضَها إلى بعضٍ ونجمعُها في أماكنِها ونُلَبِّسُها لَحماً ونُحييها!

فلمّا تبيَّنَ لهُ كلُّ ذلك، وتَوضَّحَ لهُ الأمرُ عِياناً، أيقنَ بذلكَ تمامَ الإيقان، وقال: أعلمُ أنَّ اللهَ قادرٌ على كلِّ شيء، لا يَصعُبُ عليهِ أمر.

﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 260]
260- وقال نبيُّ اللهِ وخليلهُ إبراهيمُ عليهِ السلامُ داعياً ربَّه: بَصِّرْني كيفَ تُحيي الموتَى ياربّ، لأرَى ذلكَ عِياناً.

فقالَ لهُ ربُّه: أوَلم تؤمنْ بأنِّي قادرٌ على الإحياءِ يا إبراهيم؟
وهوَ يعلمُ سبحانَهُ أنَّهُ أثبتُ الناسِ إيماناً وأقواهُمْ يَقيناً.

فقالَ عبدهُ ونبيُّهُ إبراهيمُ عليهِ السلام: بلَى ياربّ، قدْ عَلِمتُ وقدْ آمَنت، ولكنِّي أريدُ أنْ أرَى ذلكَ عِياناً، ليَنضمَّ ما أراهُ إلى ما أعتَقِدُهُ يقيناً، فأزدادُ بالمشاهدةِ بَصيرة، ويطمئنُّ بذلكَ قلبي، فإنَّهُ يَسْكنُ إذا عاينَ شيئاً وشاهدَه، وليسَ الخبرُ كالمعَايَنة.

قالَ صاحبُ "روح المعاني": ولا أرَى رؤيةَ الكيفيَّةِ زادَتْ منْ إيمانهِ المطلوبِ منهُ عليهِ السلام، وإنَّما أفادتْ أمراً لا يَجِبُ الإيمانُ به".

فاستجابَ اللهُ دُعاءَه، وأراهُ كيفيَّةَ الإحياءِ عِياناً، وقالَ له: خُذْ أربعةَ طُيور، فاذبَحْها وقَطِّعْها ومَزِّقْها، وفَرِّقْ أجزاءَها على جِبال، ثمَّ نادِها، فَسوفَ تأتيكَ مُسرِعَة. فاجتَمعتْ أجزاؤها مرَّةً أخرَى، وعادتْ إلى الحياةِ بإذنِ الله.

واعلمْ أنَّ اللهَ عزيزٌ لا يُعْجِزُهُ ولا يَمتنعُ منهُ شيء، حكيمٌ فيما يَقولُ ويَفعل، ويُشَرِّعُ ويُقَدِّر.

﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 261]
261- إنَّ مَثَلَ الذينَ يُنفِقونَ أموالهمْ في سَبيلِ اللهِ وابتغاءَ مرضاتِه، منَ الإنفاقِ في الجهاد، أو غيرهِ منْ وجوهِ الخيرِ والطَّاعة، هوَ كَمثَلِ حبَّةٍ زُرِعَتْ فأعطَتْ سَبعَ سَنابل، في كلِّ سُنبُلةٍ منها مِئةُ حبَّة. واللهُ يُضاعفُ أجرَ مَنْ أنفقَ في سَبيلهِ بمثلِ هذا وزِيادة، لمنْ شاء، بحسَبِ حالِ المُنفقِ وإخلاصهِ وتَعبِه.

واللهُ ذو فَضلٍ واسعٍ كثير، يُعطي عنْ سَعَة، ولا يَضِيقُ عليهِ ممّا يَتفضَّلُ بهِ على الناس، عليمٌ بمنْ يستحقُّ فضلَهُ ممَّنْ لا يستحقّ، وبنيَّةِ المُنفقِ ومقدارِ إنفاقِه.

﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 262]
262- الذينَ يُنفقونَ أموالَهمْ في سَبيلِ اللهِ ومَرضاتِه، منْ خَيراتٍ وصَدقات، ولا يُتْبِعونَ عطاءَهمْ هذا بمَنٍّ ولا أذًى، فلا يَمتعِضُونَ منَ السَّائلينَ ولا يتكبَّرونَ عليهم، ولا يُعَيِّرونَهمْ ولا يَتطاولونَ عليهمْ بكلامٍ لا يحبُّونَ سماعَهُ أو نَشره، بلْ يُعطونَهمْ بخُلقٍ طيِّبٍ ونفسٍ رَاضية، فهؤلاءِ لهمْ أجرُهمُ الكبيرُ الموعودُ بهِ عندَ ربِّهم، ولا يَلحقُهمْ مكروهٌ في الدارَيْن، ولا همْ يأسَفونَ على ما فاتَهمْ منَ الحياةِ الدُّنيا وزهرتِها، فقدْ صَاروا إلى ما هوَ أفضلُ منها.

﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 263].
263- وإنَّ كَلاماً حسناً لطِيفاً تَقبَلهُ القُلوب، ومُسامحةً للسَّائلينَ على إلحاحِهم، أفضلُ مِنْ عَطاءٍ يليهِ تَطاولٌ عليهمْ وكلامٌ غيرُ مَرغوب.

واللهُ غنيٌّ عمّا عندَكمْ مِنَ الصَّدَقة، حَليم، فلا يُعَجِّلُ بالعُقوبةِ على مَنْ يَمُنُّ بصَدقتِه.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 264]
264- أيُّها المؤمِنون، لا تَجعَلوا صدقاتِكمْ تَذهبُ هَباء، وذلكَ عندما تُتْبِعونَها بالمَنِّ والأذَى، فإنَّ هذا الغَلطَ منكمْ يُذهِبُ ثوابَ ما تَصدَّقتم به.

وهذا مَثَلُ المُنفقِ المُرائي بصدَقتِه، الذي يُعطي ليَراهُ الناس، وهو لا يرجو منْ ورائهِ ثواباً مِنْ عندِ الله، ولا يؤمنُ باللهِ ولا بيَومِ الجزاء (فهوَ مُنافق)، فهذا لا يؤجَرُ على فعلهِ مهما تَصدَّق.

ومَثَلهُ في هذا كمَثَلِ صَخرٍ أملسَ عليهِ ترابٌ خَفيف، فنزلَ عليهِ مَطرٌ شَديد، فأذهبَ ما عليهِ مِنْ تراب، وتركَ الحجرَ أملسَ يابساً لم يُنبِتْ زرعاً، فما أفادَهُ المطَر.

وكذا أعمالُ المُرائينَ لنْ تُفيدَهم، ولا تُعْقِبُ مَثوبَة، بلْ تَذهبُ هباءً وتَضمحلُّ عندَ الله، وإنْ ظهرَ لهمْ أعمالٌ فيما يَرَى الناس.
واللهُ لا يَهدِي الكافِرينَ إلى الخيرِ والرُّشد، وهمْ لم يَطلبوا الهدايةَ والرشادَ منَ الله.
وفيهِ تَعريضٌ بأنَّ كلاًّ منَ الرياءِ، والمَنِّ والأذَى، مِنْ خصائصِ الكفّار، فلا بدَّ للمؤمنينَ مِنْ أنْ يَتجنَّبوها.

﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 265]
265- أمَّا الذينَ يُعطُونَ أموالَهم في سَبيلِ الله، وابتغاءَ رِضاه، ورجاءَ ثَوابِه، وهمْ مُتيقِّنونَ أنَّ اللهَ لا يُضِيعُ عملَهم هذا، بلْ سيُثيبُهمْ عليهِ ما داموا أخلَصوا نيّاتِهم وآمنوا بيومِ الجزاء، فإنَّ مثَلَهمْ كمَثَلِ حَديقةٍ على رابيةٍ هَطلَ عليها مَطَرٌ شَديد، فأثمرتْ ضِعفَي أمثالِها منَ الحدائق. فإذا لم يَنـزلْ عليها مطرٌ كثيرٌ فرَذاذٌ يَكفي لسقي تُربتِها الخِصْبة.

وهو كعَملِ المؤمنِ الذي لا يَنقطعُ كذلك، بلْ يتقبَّلهُ اللهُ ويُضاعفُهُ له. ولا يَخفى على اللهِ شيءٌ منْ أعمالِ عِبادِه، وسيُجازيهمْ عليها.
وفيهِ ترغيبٌ في الإخلاص، مع تحذيرٍ منَ الرياءِ ونحوِه.

﴿ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: 266]
266- هلْ يُحِبُّ أحدُكمْ أنْ يكونَ لهُ بُستانٌ ظَليلٌ وارِف، فيه نخيلٌ وأعنابٌ تَجري منْ بينِها الأنهارُ العَذبةُ والجَداولُ الصَّافيةُ الرقرَاقة، ولهُ فيهِ ما يريدُ ويَتمنَّى منَ الثِّمارِ الطيِّبةِ اللَّذيذة، تَدرُّ عليهِ خيراً وبَركة، تَكفيهِ وتَكفي مَنْ يَعولُه، ولمّا كَبِرَ وشاخَ وعَجَزَ عنِ الغرْسِ والعَمل، ولهُ أولادٌ وأحفادٌ صِغارٌ لا قُدرةَ لهمْ على التكسُّب، جاءَهُ ريحٌ عاصِفٌ فيهِ نارٌ شَديدةٌ، فأحرقتِ البُستانَ كلَّه، ولم تُبقِ فيهِ شيئاً منَ الأشجارِ والثمار؟!

إنَّهُ مَثَلٌ ضربَهُ اللهُ " لرجلٍ غَنيٍّ يعملُ بطاعةِ الله، ثم بعثَ اللهُ لهُ الشيطانَ فعَمِلَ بالمعاصِي حتَّى أغرقَ أعماله"، كما فَسَّرَهُ ابنُ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما، ورواهُ لهُ البخاريُّ في صَحيحِه.

فيكونُ المرءُ حَسَنَ العملِ في الأوَّل، كثيرَ الخيرِ والبِرِّ والإحسان، وعندما يَكبَرُ ويَقتربُ منَ الموتِ والحِساب، تَنعكسُ حالُه، فيَنقبضُ عنِ الخيرِ والعملِ الصَّالح، فلا يُرتجَى منهُ إحسان، فيَخونهُ عَمَلُهُ وهوَ أحوجُ ما يكونُ إليه، ويُحْرَمُ الأجرَ وهوَ أفقرُ ما يكونُ إليه.

فمَنْ يُريدُ منكمْ أنْ تَكونَ حالهُ مثلَ حالِ هذا، ومَنْ ذا الذي يُحِبُّ أنْ يكونَ مَصيرهُ مثلَ مصيرِه؟
إنَّها أمثالٌ وآياتٌ واضِحاتٌ يَضرِبُها اللهُ لكم، لتَتفكَّروا وتَعتبروا وتَعملوا بموجبِها.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [البقرة: 267]
267- أيُّها المؤمِنون، إذا تَصدَّقتمْ بشيءٍ منْ أموالِكمْ فليَكنْ ذلكَ مِنْ طيِّبِ ما كَسبتموهُ وأجودِه، مِنْ تِجارةٍ أو غيرِها، ومِنْ طيِّبِ ما أخرجَهُ اللهُ لكمْ منَ الأرض، مِنْ تمرٍ أو غيرِه، ولا تَلجَؤوا إلى الرَّديءِ منهُ فتُعطوهُ للناس، فإنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يَقبَلُ إلا طيِّباً، وإنَّكمْ لو أُعطِيتُمْ مثلَ هذا المالِ الدنيءِ لمَا أخَذتُموه، إلاّ إذا تَغاضيتُمْ عنهُ وتَسامحتُمْ فيه، فلا تَجعلوا للهِ ما تَكرهون.

واعلَموا أنَّ اللهَ غنيٌّ عنْ إنفاقِكم، وإنَّما يأمرُكمْ بذلكَ لمنفَعتِكم، وهوَ مَستَحِقٌّ للحَمدِ على نِعَمهِ العَظيمةِ عليكم.
وكانَ البعضُ يَقْصِدُ الرَّديءَ منْ مالهِ فيُعطيهِ زكاةً أو صَدقة، فنـزلتِ الآيةُ للنهي عنْ ذلك.

﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 268]
268- إنَّما يُسَوِّلُ لكمُ الشيطانُ لتُخرِجوا السيِّئَ منْ أموالِكمْ تخويفاً منَ الفَقر، حتَّى تُمسِكوا ما بأيديكمْ ولا تُنفقوا شَيئاً في مَرضاةِ الله، وهوَ معَ ذلكَ يأمرُكمْ بالمعاصي وارتكابِ المُحَرَّمات، ويُغرِيكمْ على البُخلِ ومنعِ الصَّدقات. واللهُ يَعِدُكمْ في مقابلِ الإنفاقِ غُفراناً وتَكفيراً عنْ سيِّئاتِكم، وخَيراً وبَركة، وهوَ سبحانَهُ ذو قُدرةٍ واسعةٍ وفَضلٍ عَميم، يَعلمُ إنفاقَكمْ ولا يُضِيعُ أجرَكم.



hg,hqp td hgjtsdv Fhgpgrm hgjhsumD





رد مع اقتباس
قديم 03-05-2020   #2



 
 عضويتي » 101
 جيت فيذا » May 2017
 آخر حضور » 14-03-2021 (05:14 PM)
آبدآعاتي » 7,997
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » فيصل الجهني is on a distinguished road
الاعجابات المتلقاة : 179

فيصل الجهني غير متواجد حالياً

افتراضي



الله يعطيك العافيه ع المجهود روعه جدا




رد مع اقتباس
قديم 13-05-2020   #3



 
 عضويتي » 630
 جيت فيذا » May 2019
 آخر حضور » منذ أسبوع واحد (01:26 AM)
آبدآعاتي » 12,535
 حاليآ في » 7up
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » احساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond reputeاحساس انثى has a reputation beyond repute
الاعجابات المتلقاة : 360
 آوسِمتي »

احساس انثى غير متواجد حالياً

افتراضي







رد مع اقتباس
قديم 26-05-2020   #4



 
 عضويتي » 766
 جيت فيذا » May 2020
 آخر حضور » 26-05-2020 (11:33 PM)
آبدآعاتي » 402
 حاليآ في » 7up
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
 التقييم » رغد is a jewel in the roughرغد is a jewel in the roughرغد is a jewel in the roughرغد is a jewel in the rough
الاعجابات المتلقاة : 10

رغد غير متواجد حالياً

افتراضي



جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..
لِ روحك




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كتاب الواضح في أصول الفقه للمبتدئين , المؤلف: محمد سليمان عبدالله الأشقر مہلہك الہعہيہونے عطر الكتب العامه والالكترونيه 16 01-03-2022 08:26 AM
التعريف بكتاب زاد المسير في علم التفسير مہلہك الہعہيہونے عطر القرآن الكريم 20 23-03-2019 05:57 PM
الإنسان الناضج اسير الاحزان عطر المواضيع العامة 4 14-04-2018 08:47 PM
التفسير سورة الانساء ج1 ... مہلہك الہعہيہونے عطر القرآن الكريم 8 15-06-2017 02:02 AM


الساعة الآن 06:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009