الكثير منّـا يعرف زرقاء اليمامة ، أو سمع بها
وأعجب بإسمها الذي يطلق به المثل لقوة النظر والحدس ،،
ولكن القليل منا من يعرف إن هذه المرأة مجرمة كانت تنوي قتل والدة الرسول الأعظم صلى
الله عليه وآله ، وهي أمنا آمنة بنت وهب عليها السلام حينما كان رسول الله جنيناً في
بطنها ،،
وهنا أحببت أن أنقل لكم قصة
محاولتها اغتيال أم الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام فإليكم القصة بالتفصيل لأنها تبين نورانية الرسول الأعظم
عليه وعلى آله الصلاة والسلام:
قدمت زرقاء اليمامة من الشام إلى
مكة المكرمة وقد اطلعت على النور العظيم الذي يحمله والد النبي (ص) ، وكيف أنه انتقل إلى
السيدة آمنة (ع) ، فعمدت إلى تدبير مخطط تتخلص من خلاله على آمنة (ع) وتطفئ النور
الإلهي المودع في أحشائها ، وبالفعل فقد أخذت تلك المرأة تفكر في الحيلة التي تتخلص
من خلالها من السيدة، فانتهى فكرها إلى ما يلي:
أن تجهـّز الماشطات حتى يقتلنها
، فعثرت على امرأة من الخزرج اسمها (تكنا) ، وكانت ماشطة للسيدة آمنة ،
فلما كان في بعض الليالي استيقظت تكنا ، فرأت عند رأس زرقاء اليمامة شخصاً يحدثها
ويقول:
ويلك يا زرقاء!
لقد نزل بنا أمر عظيم ، كنا نصعد
إلى السماء السابعة ونسترق السمع ، وفي هذه الأيام الأخيرة طردنا من السماء ، وسمعنا منادياً ينادي في
السماوات
:
إن الله قد أراد أن يظهر المكسر للأصنام ومظهر عبادة الرحمن. فامتنعوا
جملة الشياطين من السماء، ورمتنا الملائكة بشهب من نار ، وقد جئتك أحذرك.
فلما سمعت زرقاء اليمامة كلامه قالت له: انصرف عني فلا بد أن أجتهد في قتل هذا
المولود.
ثم أنه فارقها و تكنا تسمع ما جرى بينهما، فأتت إلى زرقاء اليمامة
وقالت لها: مالي أراك مغمومة؟
قالت زرقاء اليمامة: يا ويلك، إن
همي وحزني من حاملة مولود
يدعو إلى تكسير الأصنام ويذل السحرة والكهان، فلو وجدت من يساعدني
على قتل آمنة بذلت له الجزيل من الأموال والهدايا.
وعمدت إلى كيس كان معها ،
فأفرغته بين يدي تكنا ، وكان مالاً جزيلاً ، فلما نظرت تكنا إلى المال أغراها
وراقها بريقه، وقالت لها : يا زرقاء ، لقد ذكرت أمراً عظيماً إلا أنني سأفكر لكِ
فيما ذكرتِ ، ولكن كيف أجسر على ما وصفت والوصول إلى ما ذكرتِ؟
فقالت زرقاء اليمامة: إذا
دخلتي عليها وجلستي عندها فاقبضي على مضفورات شعرها ، واضربيها
بهذا الخنجر فإنه مسموم ، وإذا وقعت عليكِ التهمة أو وجبت عليكِ دية فأنا أقوم
بخلاصكِ وأدفع عنكِ ، فما أنتِ قائلة؟
قالت ( تكنا ) : إني أجبتك ،
ولكن أريد منك الحيلة بأن
تشغلي بني هاشم عني.
فقالت زرقاء اليمامة: لا عليكِ
أنا أشغلهم عنكِ.
ثم أن زرقاء اليمامة أعطت تكنا
الخنجر المسموم ، وقالت لها: قومي إلى حاجتك.
فقامت ودخلت على السيدة آمنة (ع)
، فرحبت بها وسألت عن أحوالها ، وقالت : يا تكنا لقد انقطعتِ عنـّـا .
فقالت تكنا: لقد اشتغلت بهمي
وحزني ، ولولا فضلكم علينا لكنا بأقبح حال ، ولا أحد أعز عليّ منكِ ، هلمي
إليّ يا بنية حتى أزينك .
فجاءت السيدة آمنة (ع) وجلست بين
يديها ، فلما فرغت من تسريح شعرها ، عمدت إلى الخنجر وأرادت أن تضربها به ،
فحست كأن أحداً قبض على قلبها فغشي بصرها ، فسقط الخنجر من يدها إلى الأرض ، فصاحت :
وا حزناه.
فالتفتت السيدة آمنة (ع) ، وإذا الخنجر قد سقط من يدها ، فصاحت السيدة آمنة ، فتبادرن
النسوان إليها ، وقلن لها : ما دهاكِ؟
قالت آمنة (ع) : أما ترين ما جرى
عليّ من تكنا
؟
لقد كادت تقتلني بهذا الخنجر
المسموم.
فقلن : يا تكنا ما أصابك؟ ويلك تريدين أن تقتلي آمنة.
فقالت تكنا: نعم لقد أردت قتلها.
فقالت لها النساء: يا تكنا ما حملك على ذلك؟
قالت: لا تلوموني ، حملني طمع
الدنيا
والغرور.
ثم أخبرتهن بالقصة ، وقالت لهن :
ويحكن دونكن الزرقاء ، اقتلنها قبل أن تفوتكن.
hgl[vlm .vrhx hgdlhli hglpvlm